ورطة "حزم" وموقف مصر

أحمد طلب
"صحفي متخصص بالشأن الاقتصادي"


مقال _ أحمد طلب

كالعادة في سوق النفط إذا ما حضرت التوترات اشتعلت الأسعار وإذا ما ساد الهدوء حضر الركود وبحكم الخريطة الجغرافية والطبيعة المحورية والمخزونات النفطية كان من الطبيعي مع انطلاقة أول طائرة من طائرات عاصفة الحزم أن ينطلق أيضا مؤشر أسعار النفط متجهًا نحو الصعود وبالفعل صعد مؤشر الأسعار مرتفعًا بنسبة 5% في الساعات الأولى من العملية، لكن ما لم يكن متوقعًا هو أن يغير المؤشر اتجاهه الصاعد ليسلك طريق الهبوط ويعود من جديد ليضرب دول الخليج في مقتل.

لكن ما هي علاقة الحرب ضد مليشيات الحوثي في اليمن بسوق النفط سواء صعد أم نزل؟!

أتوقع أن يكون هذا أحد الأسئلة التي تبادرت إلى أذهان معظم من يقرأ هذا المقال، والإجابة هي أن موازنات الخليج تعتمد بشكل أساسي على عائدات النفط وبما أنها الممول الأساسي للحرب فإن فروق الأسعار ستؤثر عليها بشكل مباشر، ولو واصلت أسعار النفط الهبوط أو حتى الاستقرار على نفس مستوى الأسعار الحالي فهذا سيجعل تكلفة عاصفة الحزم أكبر وستضع دول الخليج في موقف حرج حيث إنها تعاني منذ منتصف العام المنصرم.

ولكن ظهر التأثير سريعًا حيث سحبت السعودية 100 مليار ريال من احتياطيها العام للإنفاق على الحرب في اليمن، وتغطية عجز الموازنة بسبب انخفاض أسعار النفط، التي فقدت 60% من قيمتها في آخر 6 شهور من 2014، وواصلت ذلك مع أول 3 شهور من 2015.

وأتوقع أن تنخفض الأسعار أكثر حال تم الاتفاق مع طهران بشأن برنامجها النووي الأمر الذي سيجعل إيران تضخ مزيدًا من النفط في السوق مما سيزيد من تخمة المعروض، مما سيعرض أسعار النفط لمزيد من الخسائر وبالتالي مزيد من الصعوبات للخليج وذلك بعد أن أصبح الخليج لا يتحمل عبء تمويل عجز موازناته فقط بل يمول حرب أيضا بتكلفة باهظة ولمدة لم تظهر ملامحها بعد.

 إذن ما هو موقف مصر في ظل هذه الدوامة وماذا ستفعل تجاه الخليج بشكل عام والسعودية بشكل خاص ومن أين ستمول مشاركتها في عاصفة الحزم؟!

بعد أن مر أسبوع على بداية عاصفة الحزم دعوني أتحدث بصراحة لقد جاءت التصريحات المصرية القوية في بداية الحرب على أمل أنها في حال دعم الممول الأساسي للنظام المصري الحالي "الخليج" فإنها ستحافظ كذلك على بقاء الدعم الخليجي سواء النفطي أو المادي التي تحصل عليه مصر لأطول مدة وهذا ما أراه من الصعوبة بمكان وخاصة بعد الأزمات المالية المتلاحقة التي تطارد الخليج، لكن على ما يبدوا أن مصر ستتكفل بالإنفاق على أي مشاركة لها في الحرب ولكن من أين؟!

في الحقيقة استمرار العملية العسكرية في اليمن لمدة أطول ستكون كارثة اقتصادية على المنطقة العربية بشكل عام، وفي حال التدخل البري والمشاركة المصرية ستكون الفاتورة باهظة جدًا وستؤثر علينا لسنوات قادمة.
مشاركة على

Unknown

وصف الكاتب هنا

    التعليق بإستخدام حساب جوجل
    تعليقات الفيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق