أحمد طلب يكتب: ماذا بعد وصول ودائع الخليج؟!

مصر والخليج والدولار والاقتصاد
أحمد طلب
صحفي متخصص بالشأن الاقتصادي
وصلت 50% من وعود الخليج بالمؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ في مارس الماضي، وهي ودائع بقيمة 6 مليارات دولار استلمها المركزي المصري من الدول الأكثر دعمًا للبلاد منذ 3 يوليو “السعودية والكويت والإمارات”، لكن ما الذي ستقدمه هذه الودائع للاقتصاد المصري؟! وإلى أي مدى يمكن أن تساهم في إخراج اقتصاد مصر من عنق الزجاجة؟!، وما هي الآثار السلبية التي قد تسببها هذه الودائع؟!
كان رئيس المركزي المصري هشام رامز قد قال الخميس إن مصر تلقت ودائع خليجية بقيمة 6 مليارات دولار، كانت السعودية والإمارات والكويت قد وعدت بها، مضيفًا أن الودائع الخليجية دخلت أرصدة الاحتياطي الأجنبي لمصر بواقع ملياري دولار من كل دولة، والفوائد المستحقة على هذه الودائع تبلغ 2.5%، في حين تتراوح آجالها بين 3 و5 سنوات.
وبالنظر إلى كلام رامز فمن الطبيعي أن تكون أولى آثار هذه الودائع ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لدى المركزي، والذي بلغ نهاية الشهر الماضي نحو 15.29 مليار دولار، حيث سيصل إلى 21 مليار دولار بنهاية شهر أبريل الجاري، وتراوح احتياطي النقد الأجنبي بين 15.88 و 15.29 مليار دولار من نوفمبر، ولكن ما هي فوائد ارتفاع الاحتياطي؟!
من المسلم به أن الاحتياطي النقدي لأي دولة يعزز من مكانتها الاقتصادية وتصنيفها الائتماني وسعر صرف العملات أمام عملتها المحلية، لكن هل ينطبق هذا مع الوضع المصري؟! في الحقيقة دائمًا ما تكون مصر ذات طبيعة خاصة وبالأخص إذا ما تعلق الأمر بالاقتصاد، فبعكس كل التوقعات تراجعت قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار بعد وصول الودائع، وهذا أمر في غاية الغرابة، حيث إن ارتفاع الاحتياطي يدعم الجنيه وهو ما لم يحدث لأسباب أخرى تتعلق بالوضع الاقتصادي المتأزم.
ولكي نفهم الأمر أكثر فيجب أن نعرف أن الاحتياطي ليس مصدرًا للدولار، ولكنه احتياطي يعوض النقص في العملة الصعبة، حيث إن المصادر هي السياحة وتحويلات الأجانب وقناة السويس والصادرات والاستثمارات الأجنبية، وبالرغم من أن هذه المصادر تعتبر أضعاف الاحتياطي، لكنها تعاني هبوطًا حادًا بل سقوطًا مدويًا، ومصير الاقتصاد المصري متعلق بهذه العوامل وليس بالودائع، لكن ما الذي ستقدمه الودائع؟!
قبل أن نقول ما الذي ستقدمه الودائع يجب أن نعرف أنها قروض بفائدة مرتفعة، وليست بالبسيطة بالمقارنة بالفوائد الخاصة بمثل هذه الودائع بين الدول، وبالطبع كلنا يعرف المعاناة التي عاشتها مصر وستعيشها في الفترة القادمة في توقيت سداد ما تبقى من الوديعة القطرية، وهي نفس أزمة مصر مع الاقتراض الخارجي فهو كاللعب بالنار إذا لم تكن الحكومة حذرة في التعامل مع هذه القروض، يمكن أن يكون كارثة تذهب سريعًا بالبلاد إلى الإفلاس، إذا لم تتمكن البلاد من السداد في الوقت المناسب، وهنا تكمن الخطورة.
عموما فإن الذي ستقدمه هذه الودائع أو القروض كله متعلق بالأجل القصير وقد يكون كارثة في الأجل المتوسط، فارتفاع الاحتياطيات من العملات الأجنبية بالبنك المركزي إلى 21.3 مليار دولار، أي ما يغطي قيمة الواردات السلعية لنحو أربعة أشهر فقط، لا تقارن فوائده مع صعود الدين العام للبلاد.
ونسبة الفوائد المقدرة بنحو 150 مليون دولار التي سترد مع قيمة القرض، لا يعد شيئًا بجوار مدفوعات مصرية شهرية بالعملة الأجنبية تقترب من 7 مليار دولار، الأمر الذي قد يجعلنا لا نحس بقدوم هذه المليارات من الأساس، وبالفعل هذا ما ترجمه هبوط الجنيه في السوق السوداء من جديد، وكذلك استمرار مسلسل انهيار البورصة بخسائر بلغت 3.5 مليار جنيه في أول جلسة لها بعد وصول الودائع.
في النهاية ما أريد أن أؤكد عليه أنه بالرغم من أهمية هذه الودائع إلا أن التغير الإيجابي الذي ستقدمه لا يقارن بالأضرار الناجمة عنها، بالإضافة إلى أن المواطن المصري لن يستشعر أي جديد بعد وصولها، لكنه سيعيش المعاناة التي ستأتي وقت سدادها.
مشاركة على

Unknown

وصف الكاتب هنا

    التعليق بإستخدام حساب جوجل
    تعليقات الفيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق