أحمد طلب يكتب: عاصفة طهران وعرش الخليج



بِذا قضت الأَيام مابين أَهلها ::: مصائبُ قومٍ عندَ قومٍ فوائدُ
أحمد طلب

هكذا قال المتنبي وهكذا يقول الواقع الآن بين إيران والخليج فبعد توقيع الأولى اتفاق إطاري بشأن برنامجها النووي، نزلت الفوائد المتراكمة والمكاسب المتعاقبة على طهران وجاءت المصائب والأضرار تحوم حول عرش الخليج فنجد إيران تجني مكاسب عمل دائما ومخطط ناجح ومشروع متوسع سواء على المستوى السياسي والاقتصادي، وفي الجانب الأخر نجد أن الخليج يواجه العاصفة التى تهز أرجاء عرشه بدون مشروع واضح ولا مخطط صريح وليس لهم نصيب في العمل سوى أنهم يأتون بالشركات الأجنبية لتستخرج النفط وتبيعه.


إن النفط الذى يعتمد عليه الخليج والذي هو محل الصراع السابق والقادم أضحي يواجه مخاطر بالغة الخطورة بعد اتفاق طهران النووي وبعد أن قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، منذ أيام إن أسعار النفط ستنخفض ما بين  5 و15 دولارا للبرميل، عن المتوقع العام القادم في حالة رفع العقوبات المفروضة على إيران، وفي الحقيقة أرى أنها مسألة وقت لا أكثر وترفع العقوبات، وسيكون الخليج بلا شك في مأزق صعب للغاية، فإيران لاعب قوى ومؤثر في لعبة النفط حيث أنها خامس أكبر منتج للنفط عالميًا، وتمتلك مخزونات نفطية تناهز الـ 30 مليون برميل على الأقل، مع إمكانية رفع إنتاجها بنحو 700 ألف برميل يوميا بنهاية العام المقبل.

ولأن المصائب لا تأتي فرادى فقد أظهرت بيانات حكومية أن مخزونات النفط الخام التجارية في الولايات المتحدة قفزت حوالي 11 مليون برميل الأسبوع الماضي وهي أكبر زيادة أسبوعية منذ 14 عامًا "مارس 2001" بفعل قفزة في الواردات، مشيرة إلي أن مخزونات الخام زادت 10.9 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الثالث من ابريل في حين كانت توقعات المحللين تشير الي زيادة قدرها 3.4 مليون برميل، هذه البيانات وحدها كفيلة بإسقاط أسعار النفط أكثر ولا يملك الخليج المنهك منذ منتصف العام المنصرم سوى تحمل المزيد من الخسائر في ظروف كان في أمس الحاجة للأرباح لدعم الإنفاق على الحرب على الحوثيين التي ربما تطول "عاصفة الحزم".


وفي الحقيقة لا يملك الخليج سوى الترقب والانتظار للخطوات التي ستتخذها إيران التي يمكن أن تزيد إنتاجها بكميات تتراوح بين 800 ومليون برميل من النفط يومياً بالإضافة إلى إنتاجها الحالي المقدر بنحو 2.8 مليون برميل يومياً، بعض الخبراء يرى أن إيران إذا اتجهت نحو هذه الخطوة قد يصل النفط إلى 20 دولار، بمعني أن اقتصاديات دول الخليج المعتمدة على النفط لتمويل أكثر من 90% من موازناتها المالية قد تسقط في معاناة وعجز لم تمر به من قبل.


المقلق أن سوق النفط يعاني في الأساس من تخمة المعروض المرتفع كثيرًا عن الطلب، وما يزيد القلق أكثر أن إيران لن تتردد في هذه الخطوة فهي صاحبة ثأر حيث أنها تضررت كثيرًا من لعبة النفط التي قادتها السعودية بإدارة "أوبك" بمنتصف العام المنصرم، وهذا يجعلني أتذكر تصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني في منتصف يناير الماضي "إن الدول التي تقف وراء انخفاض أسعار النفط العالمية، ستندم على قرارها عدم خفض الإنتاج النفطي، محذرا من أن السعودية والكويت ستعاني مثل إيران بفعل هبوط الأسعار، قائلًا "أولئك الذين خططوا لخفض الأسعار على حساب دول أخرى سيندمون على هذا القرار" وهنا أتساءل هل جاء الدور على إيران لتنتقم من الخليج؟!.


أظن أن إيران في حال سلكت هذا الطريق لن تكون وحدها بل إن الروس أيضا لهم نفس الثأر والأنظار كلها متجه نحو السعودية المنهكة حاليًا في حرب تستنزف مواردها، ومن الناحية الأخرى تكسب إيران حلفاء أقوياء وتدعم اقتصادها باتفاقات سواء مع تركيا والصين وحتى بعض العرب المحتاجين لغاز طهران والتي من شأن هذه الاتفاقيات أن تغير الخريطة الاقتصادية للمنطقة وسحب البساط من تحت الخليج.


عموما وعلى أية حال فإن إيران تعرف جيدًا ما تريد وتصل إلى أهدافها دون أي مواجهات مباشرة والأمر لا يتخطي التصريحات الرسمية فيما تترك الأيدي الخفية المنتشرة في أنحاء المنطقة بالعمل على استنزاف خصومها وهذا يتضح أكثر من خلال علاقتها مع "سوريا، العراق، لبنان، اليمن"، ويبقي السؤال ماذا سيفعل الخليج؟! وكيف سيواجه هذه العاصفة؟!
مشاركة على

Unknown

وصف الكاتب هنا

    التعليق بحساب جوجل او غيره
    التعليق بواسطة فيس بوك

1 التعليقات :