تعتبر السياحة من أهم مصادر الدخل القومي المصري، وتعد وسيلة هامة من وسائل التنمية في المجتمع المصرى؛فعندما تنشط السياحة ينشط الاقتصاد من جوانب متعددة، سواء على مستوى تشغيل الشباب، وتوفير العملة الصعبة للدولة، وكذلك رواج الأسواق، وتشجيع المستثمرين على ضخ الأموال، والعكس صحيح؛ فعندما تخمل السياحة وتتراجع ترتفع البطالة، وتشح العملة الصعبة، ويحدث كساد في الأسواق، ويكون المناخ غير مشجع للمستثمرين.
و في ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة التي يمر بها الاقتصاد المصري نجد أن قطاع السياحة يسجل تراجع مستمر؛ حيث تعاني السياحة المصرية من استمرار التراجع الذي بدأ منذ ثورة الخامس و العشرين من يناير، وارتفع التراجع بصورة ملحوظة، وتكاد تكون كارثية بعد أحداث 30 يونيو؛ فقد هبطت أعداد السياح الأجانب القادمين من كافة دول العالم إلى مصر؛ مما يثير القلق من مستقبل السياحة في مصر، الأمر الذى أضر كثيرًا بالاقتصاد المصري واستمرار هذا التراجع يمكن أن يعصف باقتصاد مصر الذي يعتمد على دخل السياحة بشكل كبير.
تراجع جديد
واستمرارًا لمسلسل تراجع السياحة المصرية؛ فقد قالت الدكتورة: "عادلة رجب"، المستشار الاقتصادي لوزير السياحة: "إن إيرادات السياحة انخفضت بنسبة 6% خلال الفترة من يناير، حتى أغسطس الماضي من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وانخفضت أعداد السائحين الوافدين إلي مصر بنسبة 13%، خلال الفترة من يناير حتى أغسطس من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من العام المنقضي.
وبلغ إجمالي عدد السائحين الوافدين إلي مصر خلال الثمانية أشهر الماضية نحو 6.3 مليون سائح، مقابل 7.2 مليون سائح عام 2013، وفقًا لبيانات وزارة السياحة المصرية.
وأضافت "رجب" في تصريح صحفي لها: "إن تحذيرات السفر التي أصدرتها معظم الدول الغربية في سبتمبر 2013، عقب فض اعتصام رابعة العدوية، وتجددها في فبراير الماضي عقب تفجيرات الحافلة السياحية بطابا جنوب سيناء، شمال شرق مصر، أدت إلي انخفاض إيرادات وأعداد السائحين طوال هذه الأشهر.
وأضافت المستشارة الاقتصادية لوزير السياحة المصري: "إن إلغاء معظم الدول الغربية تحذيرات السفر لمصر مطلع يوليو الماضي كان له أثر إيجابي في تحسن الحركة السياحية الوافدة إلي مصر خلال شهري يوليو، وأغسطس الماضيين؛ مما قلص تراجع الإيرادات السياحية التي شهدتها مصر خلال النصف الأول من العام الجاري.
يذكر أن 12 دولة من بين 16 دولة غربية قد ألغت تحذيرات السفر إلي شرم الشيخ بجنوب سيناء، شمال شرق مصر، الشهور الماضية، وهي ألمانيا وإيطاليا والدانمارك وأيرلندا، والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا وأسبانيا، خلال يوليو الماضي، إلي جانب فنلندا واليابان التي ألغت تحذيرات السفر خلال شهر أغسطس الماضي، وبلجيكا والنمسا، وهولندا الشهر الماضي.
وكانت 16 دولة غربية قد أصدرت تحذيرات لمواطنيها من السفر إلي مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء، شمال شرق مصر، في النصف الثاني من شهر فبراير الماضي، تخوفًا من استهدافهم، بعد إعلان جماعة تطلق على نفسها "أنصار بيت المقدس" مسؤوليتها عن تفجير حافلة سياحية في طابا، منتصف الشهر نفسه، الذي أسفر عن وقوع أربعة قتلى، بينهم سائق الحافلة، وهو مصري، وعدة مصابين.
وانخفضت الأعداد السياحية الوافدة إلي مصر بنسبة 25٪ خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ليصل عدد السائحين إلي نحو 4.5 مليون سائح، في حين تراجعت الإيرادات السياحية بنسبة 24.7%؛ لتصل إلي نحو 3 مليارات دولار، وفقًا لبيانات وزارة السياحة المصرية.
وأضافت "رجب": "إن معدلات إنفاق السائحين شهدت ارتفاعًا خلال الأشهر الماضية؛ حيث ارتفع متوسط إنفاق السائح من 62 دولار إلي 74.7 دولار في الليلة الواحدة، مشيرة إلي أن بلادها تستهدف استعادة معدلات إنفاق السائحين التي بلغت نحو 85 دولار للفرد في الليلة عام 2010، وزيادتها إلي 120 دولار خلال الأعوام المقبلة".
وقالت المستشارة الاقتصادية لوزير السياحة المصري: "إن ارتفاع معدلات إنفاق السائحين يزيد من القوة الشرائية للمنتجات المصرية، ويعد مؤشرًا قويًا علي عودة الثقة لدى السائحين في التسوق خارج الفنادق المصرية".
وتوقعت "رجب" استمرار تحسن الحركة السياحية الوافدة إلي مصر خلال الربع الأخير من العام الجاري، وتخطي الإيرادات السياحية لعام 2013 بنهاية العام الجاري، في ظل استمرار استقرار الأوضاع الأمنية في مصر.
وتراجع الدخل السياحي لمصر خلال العام الماضي إلى 5.9 مليار دولار، مقابل 10 مليارات في 2012 بانخفاض 41%.
وتعول مصر على قطاع السياحة في توفير نحو 20% من العملة الصعبة سنويًا، فيما يقدر حجم الاستثمارات بالقطاع بنحو 68 مليار جنيه (9.5 مليار دولار)، حسب بيانات وزارة السياحة.
دور الأعلام في التراجع والتنمية
ولا شك أن الأعلام صاحب دور مؤثر سواء في تراجع السياحة أو نموها، ولكن اقتصر دور الاعلام المصري، في الآونه الأخيرة، على طرد السياحة بشكل ملحوظ؛ حيث أن هناك أبواق أعلامية تعمل على طرد السياح من مصر بدعوى الحرب على الإرهاب فنجد أن الكثير من الصحف المصرية تتصدر صفحاتها الأول أخبار ليس لها قيمة سوى أنها ترهب السائح الذي يفكر في القدوم إلى مصر؛ وذلك على شاكلة أخبار ما تسمى بجماعة "بيت المقدس" وكذلك "داعش" وكثيرًا من نوعية هذه الأخبار التي توحي بعدم الاستقرار الذي هو أهم عوامل تنشيط السياحة في أي دولة.
ومن المعلوم أن الإعلام أحد أهم الأسباب الجاذبة للسياح؛ فيجب عليه أولًا أن يُشعر من يفكر في القدوم إلى مصر أن هناك أمان واستقرار، الأمر الذى يقوم بعكسه الإعلام المصرى؛ حيث نجد أن أخبار اغتصاب السائحات والسرقة تتصدر الصفحات.
السياحة الزراعية
ولمكانة مصر الزراعية فأنها تستطيع أن تستغل هذا الأمر في تنمية السياحة، وجذب المزيد من السياح إلى أراضيها، وذلك بعد أن أظهرت السياحة الزراعية نجاح كبير في العديد من الدول، على سبيل المثال دولة مثل ماليزيا التي تسعى - بحسب وزير الزراعة والصناعة الماليزي، "إسماعيل صبري" - إلى رفع عدد السياح في مجال السياحة الزراعية بواقع ستة ملايين سائح بحلول عام 2020.
وأضاف: "إن الحكومة الماليزية تسعى إلى رفع عائدات البلاد من السياحة الزراعية؛ وذلك بتطوير أداء هذه السياحة التي تعد مقوماتها عالية جدًا".
وذكر أن عدد السياح في مجال السياحة الزراعية بماليزيا بلغ مليوني سائح في العام الماضي؛ لافتًا إلى أن السياحة الزراعية يمكن أن تساعد في رفع دخل رجال الأعمال في ماليزيا من خلال تنظيم الحكومة للعديد من المهرجانات السياحية المتعلقة بهذا الشأن، فما المانع أن تستفيد مصر من هذه التجربه الناجحة.
حلول لعودة السياح
وكان وزير السياحة بوزارة "محلب" قد أعلن، عن توقيع برتوكول تعاون مع وزارة الاتصالات بقيمة 2.5 مليون دولار "ما يعادل 18.1 مليون جنيه" لتسويق السياحة المصرية عبر شبكة الإنترنت".
مضيفًا: "إن الوزارة لأول مرة تستخدم الفيس بوك والتويتر والإنستجرام وجوجل لتسويق السياحة المصرية، لأن هذه التكنولوجيا ترويجية بشكل كبير على حد قوله، ومنتشرة في كل العالم ويستغلها السائحون الأجانب للتعرف على أهم النشاطات السياحية في العالم".
لكن البعض قد اعترض على هذة الخطوة واصفينها بالحل العقيم، بمعني أنه كيف لدولة يخرج من يمثلها "السيسي" في الأمم المتحدة ليكرر كلمة "الإرهاب" 11 مرة، في خطاب مددتة 14 دقيقة فقط، بأي منطق سيأتي السائح إذن في بلد ترفع شعار محاربة الإرهاب؟!
وقال الخبراء: "إن صرف هذه الأمول في مثل هذا المناخ لن يقدم جديد في المستقبل القريب بالنسبة للسياحة".
وقال الخبراء: "إن صرف هذه الأمول في مثل هذا المناخ لن يقدم جديد في المستقبل القريب بالنسبة للسياحة".
0 التعليقات :
إرسال تعليق