كتب_أحمد طلب
تعتبر مصر من الدول التي تملك طرق متعددة للتمويل، حيث أن طبيعة مصر الاقتصادية لا تعتمد على مصدر واحد فقط، بخلاف دول أخرى كالخليج مثلاً الذى يعتمد على مصدر واحد فقط وهو النفط.
ولكن بالرغم من الطبيعة الاقتصادية الجيدة للدولة ألا أن الحكومة المصرية لا تعتمد ألا على عدد محدود جدا من الأدوات المالية لتمويل المشروعات القومية أو حتي سد عجز الموازنة، ودائما لا تخرج الحكومة عن الأدوات غير المصرفية، متجاهله بذلك طرق تمويل كثيرة.
ومنذ سنوات لم نري اى حكومة من الحكومات المتعاقبه تعتمد على وسيلة أخرى خلاف الاقتراض سواء المحلى أو الخارجي.
علماً بإن الدين العام المحلي يستمر في التصاعد ويوماً بعد يوم يواصل الارتفاع حيث إنه ارتفع أكثر من ضعفين منذ 2006 حيث كان الدين العام المحلي 587 مليار جنية وسجل في يونيو 2012/2013 تريليون و527 مليار جنيه، وبحسب المركزي المصري فقد ارتفع إجمالي الدين العام المحلى بنهاية مارس 2014 إلى 1.708 تريليون، ومع ذلك تصر الحكومات على الاعتماد على الاقتراض.
وبحسب الخبراء فإن سياسة الاقتراض الداخلي كارثة في حد ذاتها، فقد تتعرض البنوك لخطر تخفيض تصنيفها الائتماني مجددا باعتبارها الممول الأكبر لعجز الموازنة في الوقت الذي تقل فيه قدرة الحكومة على سداد مستحقات البنوك.
وقد أعلنت الحكومة في وقت سابق أنها اقترضت خلال العشر شهور السابقة نحو 811 مليار وهذا في ظل ضعف قدرة مصر على التفاوض أو الاقتراض من الخارج إذا ما استمر الوضع الحالى على ما هو عليه مع عدم تنفيذ إجراءات إصلاحية حقيقية .
لكن يبدو أن الدولة اعتادت الاعتماد على السندات وأذون الخزانة وبعض المنح والقروض الدولية، في تمويل المشروعات القومية، وتجاهلت آليات تمويل مثل الصكوك والاكتتابات العامة والـ (B.O.T) رغم وجود تشريعات تنظمها.
مشروع قناة السويس
وكانت مصر التى تعاني موازنتها عجزًا يزيد عن 240 مليار جنيه قد لجأت قبل شهرين إلى طرح شهادات استثمارية بفائدة عالية، واعتبرتها أداة دين لتمويل مشروع محور قناة السويس الجديدة، لوجود اعتبارات أمنية بحسب مسئولين، مؤكده بأن يكون للدولة الملكية الوحيدة من خلال شركات واجهزة تابعة للجيش وللدولة.
وقد قال الدكتور يوسف إبراهيم مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر, "للأمة" أن الدولة كان في إمكانها أن تحصل على تمويل لمشروع قناة السويس بقيمة 60 مليار أو أكثر بتكلفة أقل من 12% فائدة؛ حيث أن الدولة لجأت إلى الأسلوب الخطأ بطرحها شهادات استثمار بهده الفائدة الكبيرة، لأن لدينا 600 مليار جنيه تقريبًا سيولة في البنوك المختلفة، وتلهث البنوك نحو توظيف هذه السيولة لدى الحكومة، فلو طلبت الدولة من البنوك الاكتتاب في مشروع قناة السويس لسارعت البنوك على الشراء 60 مليار أو 100 أو حتي 150 مليار لو أرادت الحكومة، وذلك لأن البنوك تسعى لتوظيف الفائض لديها وخاصة لدي الحكومة؛ حيث أن العائد الحكومي مضمون.
وأضاف أن التمويل عند طريق الصكوك الإسلامية كان الأفضل في حال إذا أرادت الدولة أن تشارك الأفراد بصورة حقيقية في المشروع، وإذا أرادت أيضًا أن تتجنب "الربا"؛ حيث أن الصكوك كانت الطريقة الأفضل لتمويل المشروع، ألا أن هذا يخالف الاتجاه العام للنظام القائم في مصر، فإن القائمين على المشروع لا يرودون أن يجعلوك شريك في المشروع؛ بل دائن تأخذ منك الأمول وترد إليك، ولا يكون لك حق في المشروع؛ حيث أن الحكومة لو لجأت إلى الصكوك أو الأسهم كانت ستجعل من المساهم في المشروع شريك فيه، والميزة فيه أن المساهم لن يحصل على عائد ألا بعد أن ينتهي المشروع ويدر ربح، وهذه كانت وسيلة مناسبة جدًا جدًا سواء الصكوك أو الأسهم.
مع العلم أنه تم إقرار باب كامل عن الصكوك قبل أكثر من شهر ونصف داخل قانون سوق رأس المال، ولم تصدر لائحة تنفيذية لطريقة العمل بها حتى الآن.
التمويل الإسلامي
ويعد التمويل الإسلامي من أفضل الطرق التمويلة التي أصبح العالم يتجه اليه بشكل كبير، سواء على المستوى العربي أو الأوروبي، حيث أجرى "صندوق النقد الدولي" أولى مشاوراته مع مجموعة استشارية خارجية من الهيئات المعنية بالتمويل الإسلامي، في الوقت الذي تسعى فيه الجهات التنظيمية في أنحاء العالم إلى معالجة المشكلات الهيكلية بالقطاع.
وهناك دول إسلامية رائدة في مجال التمويل الإسلامي كماليزيا والامارات وتركيا وغير الإسلامية كبريطانيا، وقد اثبتت تجارب هذه الدول نجاح التمويل الإسلامي.
الغريب أن مصر لا تتجه نحو التمويل الإسلامي بصورة كبيرة، فيما عدا عام حكم "مرسي" الذي كان يسعي لتوسيع نطاق التمويل الإسلامي في مصر.
وتعد الصكوك الإسلامية أحد مجالات التمويل الإسلامي أداة مالية هامة جدًا وتهم شرائح كبيرة من المستثمرين، وخاصة في دول الخليج وجنوب شرق اسيا حيث توجد شريحة كبيرة من المستثمرين تفضل هذا النوع من الإستثمارات ويفضلونها علي أدوات الدين التقليدية وفوائد البنوك لما لهذه الصكوك من أصول تضمنها وكذلك بعدها عن شبهة الربا التي يفتي البعض بإنها تشوب أدوات الدين الثابت مثل السندات، ألا أن الحكومة لا تتجه اليها وهذا أمر يدعوا للتسأول ؟؟.
أقسام التمويل الحكومي
وبحسب أحمد أبو سعدة رئيس قسم البحوث بشركة جراند القابضة للاستثمارات المالية، أن الأدوات المالية المستخدمة من الحكومة لتمويل المشروعات تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، أولها الاقتراض وذلك في الأساس عن طريق السندات، وأذون الخزانة الحكومية أو ما يسمى الاقتراض المجازي، ثم "الأسهم- الصكوك" أو التمويل من خلال القطاع الخاص بحق الانتفاع والمعروف باسم (B.O.T)، وأخيرًا المنح والتبرعات.
فيما لا تستعين الحكومة بأدوات متنوعة من التمويل بهدف جذب مختلف شرائح المستثمرين بمختلف توجهاتهم وسياساتهم الإستثمارية بما يضمن للحكومة توفير عدة مصادر للتمويل تستطيع معها توفير السيولة الضخمة اللازمة لتمويل عدة مشروعات عملاقة مثل تطوير قناة السويس وإستزراع مليون فدان وتوطين التكنولوجيا وتصنيع المواد الخام قبل تصديرها وإنشاء شبكات طرق وموانيء جديدة، فلماذا تتجاهل الحكومة هذه الوسائل وتصر على طرق تمويلة محدده اثبتت التجارب عدم نجاحها في حل الأزمات.
0 التعليقات :
إرسال تعليق