أحمد طلب يكتب: صنع في مصر

أحمد طلب
صحفي متخصص بالشأن الاقتصادي
دائما ما تفتخر البلاد بصناعتها وتميزها في مجال معين وتكلل كل الجهود لدعم هذه الصناعة وتذلل العقبات له وتسعى لجعلها رائده دائما، ونجد كل الدول تفتخر بكتابة اسمها على منتجها الخاص، ولأننا دائما ما نختلف عن الآخرين بل في الحقيقة نتخلف عن الآخرين، تجد الدولة المصرية تحارب كل ما يكتب عليه "صنع في مصر" فالغزل والنسيج يواجه الموت البطيء، والحديد يضرب بمطرقة الاحتكار، والأسمدة بين قطع الكهرباء وإغلاق المصانع.

لا شك أننا جميعًا عندما نرى هذه الجملة "صنع في مصر" نشعر بالسعادة والفخر وينمو الأمل داخل قلوبنا نحو مستقبل متفائل للمحروسة، ولكن ماذا عسانا نفعل عندما نجد أن صناعة مصر تواجه الانقراض بأيدي من المفترض أنها مصرية، لكن لماذا نتجه عكس الجميع وبدلاً من تشجيع الصناعة نقتلها، وبدلاً من أن ننمي ما نبرع فيه نحاربه.. من المستفيد؟!

في الحقيقة لقد صدمني تقرير الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات المصرية لشهر مارس فقد واصلت صادرات مصر تراجعها  للشهر الثالث على التوالي لتسجل 34.5 مليار جنيه بتراجع 21.7% مقابل 41.177 مليار جنيه فى نفس الشهر من العام الماضي، وهذا أمر طبيعي في وقت تعاني فيه الصناعة المصرية من التدهور الشديد فمن أين تأتي الصادرات أذا تم إغلاق المصانع ودفعها نحو الهاوية.

من جانبه أكد التقرير أن سبب التراجع هو  تخفيض أغلب صادرات المجالس التصديرية تصدرها، حيث تراجع قطاع الصناعات الكيماوية والأسمدة والذي بنسبة 41% مسجلا 237 مليون دولار مارس الماضي مقابل 405 ملايين دولار الفترة نفسها العام الماضي كما تراجعت صادرات قطاعي مواد البناء والصناعات الهندسية بنسبة 28% مسجلة 238 مليون دولار مقابل 328 مليون دولار لمواد البناء ، و235 مليون دولار ، مقابل 325 مليون دولار.

كما انخفضت صادرات قطاعي المفروشات و الجلود بنسبة 18%و بلغت 58 مليون دولار مقابل 71 مليونا للمفروشات ، فيما سجلت صادرات الجلود 16 مليون دولار مقابل 19 مليون دولار، وكذلك تراجع صادرات الملابس الجاهزة بنسبة 16% مسجلا 98 مليون دولار خلال مارس الماضي مقابل 116 مليون دولار في نفس الشهر من العام السابق له.

وحتى صادرات الصناعات اليدوية كذلك انخفضت لتبلغ 143 مليون دولار مارس الماضي مقابل 160 مليون دولار الفترة نفسها العام الماضي بتراجع 11%.

بعيدًا عن التقرير والصادرات لا شك أن مصر لن تتقدم أبدًا دون الاعتماد على نفسها وعلى صناعتها وهذا ما أثبتته التجارب فالألمان لم يصلوا إلى مكانتهم هذه بإنشاء عاصمة جديدة، بل اجتهدوا وصنعوا، كذلك غيرهم كالصين مثلًا لم يبحثوا عن علاج لفيرس سى قبل أن يغزوا العالم بصناعتهم، والنماذج على ذلك كثيرة وآخرها تركيا التي تتجه إلى ترسيخ صناعه قوية ومتينة وتحرز فعلاً تقدمًا ملموس.

ما أريد قوله إن النظام الحالي في حال أحسنا الظن فهو لا يعرف ما الذي ينهض بالأمم وإذا أسأنا الظن فهو يعرف ولا يريد بهذا البلد خير، وخير دليل على ذلك هو المؤتمر الاقتصادي الذي عقد منتصف مارس بشرم الشيخ الذى أهمل فيه النظام كل ما لهو علاقة بالصناعة واكتفوا بعرض المشاريع العقارية والسياحية، وبالرغم من فشلهم أيضا في مشاريع العقارات إلا أن فشلهم الأكبر كان تهميش صناعات مصرية أصيلة كالغزل والنسيج مثلاً، أخيرًا فإن هذا الفشل سيكون حسره على المصريين في الأجيال القادمة التي ربما تأتي ولا يجدون جملة "صنع في مصر".

مشاركة على

Unknown

وصف الكاتب هنا

    التعليق بإستخدام حساب جوجل
    تعليقات الفيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق