كتب_أحمد طلب
باتت الصكوك الإسلامية أمر واقع فرض نفسه
على الأسواق العالمية، بل أنها بحسب الخبراء البديل والوسيلة الاقتصادية الأفضل للتمويل
في الاقتصاد الحديث، وذلك تزامنًا مع الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم بدءًا
من الانهيار الكبير الذي شهدته الرأسمالية مرورًا بالرهونات العقارية التي تسببت في
أكبر ركود عالمي منذ الكساد الأعظم، ناهيك عن معدلات التضخم المتفاقمة التي وصلت إلى
أعلى مستوياتها في أغلب اقتصاديات العالم.
لكن في الأشهر الأخيرة من عام 2014 نمت
الصكوك الإسلامية بشكل مختلف حيث أننا وجدنا أن العالم الغير إسلامي أكثر أقبلاً عليها
من العالم الإسلامي، حيث تشير التوقعات أن يصل حجم إصدار الصكوك إلى (3-5) تريليون
دولار بمطلع عام 2015، فقد أصبحت الصكوك بمثابة مُنتج مالي عالمي، وأضحى نصيب الدول
الإسلامية منها لا يكاد إن يصل إلى 20% من إصداراتها في العالم، الأمر الذي يجعلنا
نتساءل لماذا يتجه الغرب نحوها ويهملها المسلمون؟! .
قبل أن نجيب على هذا التساؤل سنستعرض الوافدين الغربيين الجدد على هذا السوق بدءًا من بريطانيا وانتهاءً بهونج كونج.
فقد باتت بريطانيا أول دولة غربية تبيع
صكوكاً إسلامية سيادية، الأمر الذي جعل سوق المعاملات الإسلامية يزدهر ويكتسب ثقل كبير
بين الأسواق العالمية وكذلك جعل شركات عالمية تنافس في إصدار أدوات مالية متوافقة مع
الشريعة الإسلامية، حيث أن بريطانيا وحدها بها 22 شركة تقدم أدوات مالية متوافقة مع
الشريعة وذلك بحسب تقرير مجموعة "سيتي يو.كيه"، في مطلع الشهر الماضي، بأصول
بلغت نحو 19 مليار دولار في العام الماضي، بينها ستة مصارف إسلامية مثل مصرف لندن والشرق
الأوسط والمصرف الإسلامي الأوروبي للاستثمار وجيتهاوس بنك والمصرف الإسلامي البريطاني.
فيما لحقت لوكسمبورج ببريطانيا كثاني دولة
أوروبية تدخل مجال الصكوك الإسلامية، حيث أن برلمانها قد أقر مشروع قانون ينظم إصدارها
بحسب متطلبات الشريعة الإسلامية في بمنتصف يونيو 2014.
ويجيز القانون بيع وإعادة شراء الأصول العقارية
الضرورية لإصدار الصكوك الإسلامية، مضيفة ويسمح بتطوير الخدمات المالية الإسلامية في
دوقية لوكسمبورغ.
وبعيدًا عن بريطانيا ولوكسمبورج فقد دخلت
هونج كونج في نفس الطريق حيث أعلنت حكومتها عن نجاحها ببيع الصكوك الإسلامية الأولى
من نوعها على مستوى البلاد، والثانية عالميا على مستوى حكومات الدول غير الإسلامية
بعد بريطانيا، مشيرة إلى أن النجاح جاء بعد جولة مثمرة شملت مستثمرين في الشرق الأوسط
وآسيا وأوروبا، وقد استحوذ المستثمرون في الشرق الأوسط على 36% من تلك الصكوك.
بالطبع بالرغم من الإقبال الغربي على التمويل
الإسلامي ألا أنه في الحقيقة لا يشكل سوى نسبة ضئيلة، تقل عن 1% بالنسبة للجهاز المصرفي
بالنسبة لهذه الدول ولكننا نعتبرها بداية جيدة.
لكن الغريب بل والمثير للحيرة هو أن دول
إسلامية من المفترض أنها تتبنى كل ما هو إسلامي تنفر وبشكل غريب من خوض تجريبه البنوك
الإسلامية الحقيقية حتي، فهاهي المغرب قد مرت بصراع داخل البرلمان حتي يتم اقرار قانون
خاص بالبنوك الإسلامية التي شهدت ميلاد لم يكتمل في رحم جدل لا ينتهي، وغيرها دول كالجزائر
وتونس وليبيا ....الخ.
ولم تختلف دولة الأزهر "مصر"
كثيرًا حيث أنها فضلت الاتجاه نحو شهادات الاستثمار الربويه المخالفة للشريعة الإسلامية
لدعم مشروع قناة السويس الجديد، بالرغم من تأكيد الخبراء أن الصكوك الإسلامية هي الطريقة
التمويلية الأفضل بالنسبة لطبيعة المشروع.
وهنا نأتي للتساؤل لماذا يتجه الغرب نحو
الصكوك ويهملها المسلمون؟! أن اتجاه الغرب نحو الصكوك بسبب اقتصادي بحت، فقد أثبتت
الصكوك الإسلامية نجاحها في الأسواق العالمية ولأننا نعلم جيدًا أن الغرب لدية وعي
اقتصادي ويتجه إلي ما يحقق أهدافه الاقتصادية فلهاذا يتجه إلى توسيع سوق التمويل الإسلامي
بحيث انه يعد صمام امان للاقتصاد وكذلك منقذ من الأزمات، وهذا يجعلنا نقول أن الغرب
يتجه لأسلمة اقتصاده وذلك لنجاح الاقتصاد الواضح.
لكن لماذا لا يفعل العرب كذلك! .. في الحقيقة
فإن معظم دول العالم الإسلامي تعاني خلل كبير في الادارة الاقتصادية وغالبًا تكون تابعة
لسياسات البنك الدولي الغارقة في العلمانية والتي تضر بهذه الدول بشكل كبير، فهل تتحرر
هذه الدول من السياسات العلمانية الخانقة وتتبنى سياسة اقتصادية خاصة على الطريقة الإسلامية
حتي تنهض بالعالم الإسلامي .. أتمني أن يحدث هذا قريبًا.
0 التعليقات :
إرسال تعليق