لو أن السياحة المصرية انتعشت ثلاثة أشهر فقط، لتمكنت الحكومة من سداد الوديعة القطرية، بعيداً عن ضغوط الاقتراض الخارجي أو السحب من الاحتياطي الأجنبي الذي لا يتحمل ضغطا إضافيا، ولما كانت الحكومة تتودد لدول الخليج لمنحها وديعة مجانية أو بسعر فائدة بسيط وفترة سداد طويلة. ولو أن السياحة انتعشت لمدة عام واحد، لتمكنت حكومة مصر من سداد الوديعة القطرية (2.4 مليار دولار) وقسط نادي باريس نصف السنوي (770 مليون دولار) في بداية يناير/كانون الثاني القادم، وكذا سداد مستحقات شركات النفط العالمية (4.5 مليار دولار) والسندات الأميركية (1.25 مليار دولار) والمستحقة بداية العام. مصر مطالبة بسداد نحو تسعة مليارات دولار حتى مطلع 2015، والسياحة يمكن أن تجلب للبلاد 12 مليار دولار سنوياً. ولو أن حال الاستثمارات الأجنبية عاد لما كان عليه قبل ثورة 25 يناير، لدخل مصر مليارات الدولارات ولاستفادت من ظروف الاقتصاد العالمي الصعبة، والتي قد تؤدي إلى حركة نزوح أموال كبيرة من الاقتصادات الكبرى للأسواق الناشئة. ولو أن الصادرات عادت إلى مستوياتها الطبيعية لتدفق على خزانة الدولة، ليس فقط 30 مليار دولار، بل 50 مليار خاصة وأن أسواقا كثيرة بحاجة للمنتجات المصرية، ومنها أسواق أوروبا وأفريقيا والخليج وليبيا والعراق وسورية. وينطبق الحال على تحويلات العاملين بالخارج التي اقتربت قبل عامين من 20 مليار دولار. مصر تحتاج شهرياً خمسة مليارات دولار لكي تأكل وتشرب، وفي الظروف الطبيعية من السهل تدبير المبلغ، خاصة وأن موارد البلاد الأجنبية متنوعة، لكن زيادة هذه الموارد بحاجة لاستقرار سياسي وأمني لكي تفي باحتياجات الدولة، والاستقرار السياسي ليس محصوراً في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وإنما تستتبعه أمور منها تحسين مناخ الاستثمار والحد من الفساد، وطمأنة القطاع الخاص على أمواله وعدم ابتزاز رجال الأعمال وتوافر الشفافية. مصر يمكن أن تكون أفضل اقتصاديا، ذلك لأن الظروف الخارجية مواتية، لكنها في حاجة لانقلاب من نوع آخر.
0 التعليقات :
إرسال تعليق