قال الدكتور يوسف إبراهيم مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر, في حوار خاص "للأمة" أن الدولة كان في إمكانها أن تحصل على تمويل لمشروع قناة السويس بقيمة 60 مليار أو أكثر بتكلفة أقل من 12% فائدة؛ حيث أن الدولة لجأت إلى الأسلوب الخطأ بطرحها شهادات استثمار بهده الفائدة الكبيرة، لأن لدينا 600 مليار جنيه تقريبًا سيولة في البنوك المختلفة، وتلهث البنوك نحو توظيف هذه السيولة لدى الحكومة، فلو طلبت الدولة من البنوك الاكتتاب في مشروع قناة السويس لسارعت البنوك على الشراء 60 مليار أو 100 أو حتي 150 مليار لو أرادت الحكومة، وذلك لأن البنوك تسعى لتوظيف الفائض لديها وخاصة لدي الحكومة؛ حيث أن العائد الحكومي مضمون.
* هل كان سيؤثر ذلك الاكتتاب على القروض التي تحصل عليها الحكومة لسد عجز الموازنة؟
لا يؤثر ذلك الاكتتاب على القروض التي تحصل عليها الحكومة لسد عجز الموازنة؛ حيث أن البنوك لديها فائض في السيولة يقدر بنحو 600 مليار جنيه بخلاف السندات الحكومة التي تشتريها البنوك.
* هل ستقبل البنوك بفائدة أقل من 12%؟
لو أرادت الحكومة أن تقترض من البنوك ولو بفائدة 7% فقط لقبلت البنوك؛ حيث أن البنوك تبحث عن تشغيل لهذه الأموال بدلًا من إبقاء فائض لا تستفيد به؛ وذلك لأن توظيف هذه الأموال لدي البنوك يساوى "صفر".
ووصف "إبراهيم" في حواره "للأمة" رفع الحكومة لسعر الفائدة بأنه نوع من الغباء، على حد وصفه؛ حيث أن الحكومة أكثر ضمانًا من الأفراد، وطالما أن البنك متاح له أن يوظف أمواله لدي الأفراد بـ 9% فمن باب أولى أن يوظف أمواله لدي الحكومة بفائدة أقل؛ وذلك لأن نسبة المخاطرة لدي الحكومة معدومة.
* كيف ستدفع الحكومة الـ12% الفائدة على شهادات الاستثمار؟
لقد خصصت الحكومة 12.5 مليار جنيه من عائدات القناة القديمة لدفع فوائد شهادات الاستثمار، إذن الحكومة ليس لديها مشكلة في ذلك.
* هل الصكوك الإسلامية كانت بديل مناسب لشهادات الاستثمار؟
هذا اتجاه أخر للتمويل إذا أرادت الدولة أن تشارك الأفراد بصورة حقيقية في المشروع، وإذا أرادت أيضًا أن تتجنب "الربا"؛ حيث أن الصكوك كانت الطريقة الأفضل لتمويل المشروع، ألا أن هذا يخالف الاتجاه العام للنظام القائم في مصر، فإن القائمين على المشروع لا يرودون أن يجعلوك شريك في المشروع؛ بل دائن تأخذ منك الأمول وترد إليك، ولا يكون لك حق في المشروع؛ حيث أن الحكومة لو لجأت إلى الصكوك أو الأسهم كانت ستجعل من المساهم في المشروع شريك فيه، والميزة فيه أن المساهم لن يحصل على عائد ألا بعد أن ينتهي المشروع ويدر ربح، وهذه كانت وسيلة مناسبة جدًا جدًا سواء الصكوك أو الأسهم.
وكان هذا الاتجاه ممكن لكنه لم يتناسب مع سياسة النظام القائم على المشروع في الوقت الحالي.
* وهل فكرة رفض الصكوك والأسهم لها علاقة بالأمن القومي كما برر البعض؟
هذا الأمر ليس له علاقة بالأمن القومي بالمرة؛ حيث أن لا يوجد مانع أن يمتلك الأجنبي صكوك وأسهم في المشروع، ولو كان هناك مانع ما تسولت الدولة لجذب الاستثمارات الأجنبية، والمشروع مثله مثل غيره والكثير من الأجانب يملكون مشاريع كثيرة في مصر.
ولا شك أن التخوف من دخول الأجانب وغيرهم هذا تخوف شكلى وفزاعة يلقوها أمام الناس، ولايوجد دولة في العالم تخاف من الاستثمارات الأجنبية التي تأتي إليها؛ بل بالعكس الجميع يسعي إلى جذب الاستثمارات، فالصين مثلًا تستثمر نحو 600 مليار في الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تقل أمريكا أنها متخوفة من التدخل الصيني، وأذكر أن أحد الرؤساء قد قال: "الأجانب لن يأخذوا الأرض معهم" وطالما أن الدولة لديها قوة وتستطيع أن تحمي أراضيها فلا وجود لمثل هذا التخوف.
* ما تقيمك لأداء الحكومة بالنسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية؟
بلا شك الحكومة "فاشلة" في جذب الاستثمارات الأجنبية، فكيف يأتي مستثمر لدولة تتدعي أنها تحارب الأرهاب.
* هل أثرت شهادات الاستثمار على السوق المصري والسيولة؟
تأثر السوق بطرح شهادات استثمار مشروع قناة السويس الجديد ضعيف جدًَا؛ حيث أن 99% من الأموال التي تم الاكتتاب بها في المشروع - عبارة عن ودائع في البنوك تم تحويلها من الحساب الجاري إلى شهادات استثمار، ولو كانت غير ذلك لتأثر السوق المصري وكذلك السيولة.
وهناك مفارقة؛ وهي أن الودائع معفاة من الضرائب وكذلك شهادات الاستثمار؛ بعكس الصكوك أو الأسهم، بمعني أن الربا في مصر معافاة من الضرائب، ولكن التعاملات الإسلامية يفرض عليها الضرائب؛ حيث أن المعاملات الإسلامية في مصر تعامل أسوأ المعاملة.
* هل الاقتراض بنسبة 90% بضمان شهادات الاستثمار قرار مناسب من وجهة نظرك؟
تعد هذة ميزة إضافية لشهادات الاستثمار؛ حيث أن المستثمر يستفيد من الشهادة مرتين سواء بالـ 12% أو بالاقتراض بضمانها.
* تراجع البورصة الأسبوع الماضي له علاقة بطرح شهادات الاستثمار؟
نحن قلنا أن 99% من أموال الاكتتاب في شهادات الاستثمار بالمشروع جاءت من خلال الودائع، ولم تكن سيولة بالسوق، وربما يكون هناك رابط بين تراجع البورصة وطرح الشهادات، وإن كان هناك علاقة فلن تكون ذات تأثير بنسبة كبيرة.
ويري "إبراهيم" أنه لولا الفتاوى التي خرجت بتحليل فوائد هذه الشهادات التي هي "ربا" ما وجدنا هذا الإقبال الكبير عليها؛ حيث أن الشريحه الكبري من المصريين ينكرون الربا ويرونها حرامًا، ولو كان الطرح في صورة أسهم أو صكوك لكان الإقبال أكبر.
0 التعليقات :
إرسال تعليق