بعد 100 يوم.. اقتصاد مصر "مفيش"

"مفيش" ربما تكون هذه الكلمة الأكثر تكرارًا خلال الـ 100 يوم الأولى ما بعد تنصيب السيسي رئيسًا، وهذه الكلمة ذات مدلول اقتصادي هام؛ حيث أن الرجل جاء ليخرج بمصر من النفق الاقتصادي المظلم الذي أرسلها مرسي إليه بحسب الأعلام، لكن في الواقع لقد دخلنا أنفاقًا أشد ظلمة في هذه الـ 100 التي قادها السيسي، وفي الحقيقة كانت هذه الأيام الـ 100 يوم مليئة بالقرارات والأحداث والغرائب الاقتصادية، بدءًا من أقرار الموازنة التقشفية ومرورًا برفع الدعم، وانتهاءًا بكارثة الكهرباء وهذا على سبيل الذكر لا الحصر.
وتعالوا معًا نناقش كل واحدة على حدة، فقد أقر السيسي مشروع الموازنة العامة المصرية الجديد للعام المالي 2014/2015 الذي يتضمن جملة مصروفات بلغت 789 مليار جنيه وجملة إيرادات عامة تبلغ 549 مليار جنيه، وبعجز كلي بنحو 240 مليار جنيه، وهو ما يعادل نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك مقابل عجز متوقع خلال العام المالي الحالي 2013/2014 يبلغ نحو 243 مليار جنيه، يعادل نحو 12% من الناتج المحلي.
وبالنسبة للدعم الذى هو أهم البنود في الموازنة العامة المصرية - وبالأخص "دعم الطاقة" صاحب النصيب الأكبر من الخفض في الموازنة التي أقرها السيسي، وكان تأثير ذلك كبير جدًا علي كل الشرائح في المجتمع المصري؛ حيث أنه مع أول ساعات تطبيق الزيادة في سعر السولار والبنزين جاءت الآثار المترتبة على هذه الزيادة سريعًا؛ حيث ظهرت أول نتائج زيادة أسعار البنزين والسولار على وسائل المواصلات، وعلى أسعار الغذاء، وكذلك على أغلب المنتجات في السوق المصري، وبالطبع المتضرر الأول هو المواطن البسيط الذي سيتحمل عبء هذه الزيادة، بحسب الخبراء.
الأمر الذي أدي إلى تفاقم ملحوظ في التضخم؛ فهو أحد المشاكل الاقتصادية الكبرى التي تواجه المصريين في الفترة الحالية، وذلك منذ قرارات حكومة السيسي غير المدروسة؛ حيث ارتفع التضخم في شهر يوليو الماضي فقط بنسبة 3.3%، ومعدل الزيادة الشهري هذا يعتبر الأكبر منذ عام 2008  الذي شهد الأزمة المالية العالمية.
وقد ارتفع معدل التضخم خلال أغسطس الماضي بأعلى نسبة منذ 7 أشهر مسجلًا نحو 11.4%.
ومن أهم القرارات التي لا يمكن إهمالها هو تعديلات قانون الدخل بفرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة بنحو 10%.
حيث أصدرت حكومة السيسي مشروع التعديلات يتضمن تطبيق ضريبة تبلغ 10% على صافي الربح المتحقق فعليًا على المحفظة المالية في نهاية كل عام، وذلك للأفراد أو الأشخاص الاعتبارية، كما تضمن المشروع إلغاء ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة المطبقة حاليًا، وكان لهذا القرار صدي وخيم جدًا؛ حيث سقطت البورصة المصرية بفعل هذا القانون سقوط مدوي ومازلت حتي الآن تعاني الهبوط.
وبعيدًا عن البورصة فإن أحد الحلول الاقتصادية التي لجأ لها السيسي هي "حملة تبرعات لدعم الاقتصاد" أو ما يسمي بـ "صندوق تحيا مصر" وقد أجمع الخبراء الاقتصاديين أن مثل هذه الصناديق لا تفيد الاقتصاد المصري كثيرًا؛ حيث أنه لا يقيم أي اقتصاد في العالم على التبرعات والصدقات.
ونأتي إلى الجانب الحساس جدًا، من وجه نظري، والذي لا تنهض دولة إلا به؛ حيث أنه إذا أقيم أنعش كل القطاعات الاقتصادية في الدولة، وهو "الإنتاج الصناعي"، وتبرز أهمية الإنتاج الصناعي في كونه ركيزة أساسية لرفع مستوى معيشة الشعوب بما يدره من مال، وما يوفره من رفاهية للإِنسان بمقتنياتها المختلفة، وبما يساهم به من تطوير للنشاطات الاقتصادية الأخرى.
وفي الحقيقة شهدت مصر منذ أحداث 30 يونيو تراجعًا ملحوظًا في الإنتاج الصناعي بفعل الأزمات البترولية والإضرابات العمالية، بعد أن سجلت ارتفاعًا في فترة حكم مرسي، ولكن بعد تنصيب السيسي زادت معانة الإنتاج الصناعي؛ حيث تم تخفض إمدادات الغاز للمصانع لمواجهة أزمة الكهرباء، الأمر الذي أدى إلى إجبار مصانع على التوقف تمامًا عن العمل، وبحسب المركزي للإحصاء؛ فإن الإنتاج الصناعي قد تراجع بنسبة 7.3 ٪ عن شهر يونيو، وهذه نسبة كبيرة جدًا بالنسبة لدولة غير صناعية أصلًا، كما أجبرت الحكومة 6 مصانع على التوقف عن العمل، وذلك بدعوى حل أزمة الكهرباء التي فشل السيسي وحكومته في أن ينجز فيها أي تطور بل قد تراجعت بكثرة عما كانت عام مرسي.
على كلٍ، ما ذكرته ليس حصر لاقتصاد "مفيش" على مدار 100 يوم، بل إن هذا جزء صغير جدًا من الواقع الاقتصادي المصري الذي يعاني منه المصريين منذ تنصيب السيسي. 
مشاركة على

Unknown

وصف الكاتب هنا

    التعليق بإستخدام حساب جوجل
    تعليقات الفيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق