هل يقود الاقتصاد الأسباني منطقة اليورو إلى بر الأمان؟


كتب - أحمد طلب
في الوقت الذى تتزايد فية المخاطر الاقتصادية التي تواجه اقتصاد منطقة اليورو وفي ظل تعثر الاقتصاد وارتفاع معدّل التضخم وارتفاع معدّل البطالة، وبالرغم من التحديات الضخمة التى تواحه اقتصاديات دول منطقة اليورو، نجد أن أسبانيا وهي رابع أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو تسعي الى تقمص دور المنقذ للاقتصاديات الاوروبية، وذلك تزامناً مع الأصوات إلتي تقول أنه ربما تكون السياسة هي إلتي تمثل الخطر الأكبر على المنطقة, فهل يكون الماتادور الأسباني هو الحصان الأسود الذي يخرج بمنطقة اليورو إلى بر الأمان؟
حزمة تحفيز اقتصادى أسباني
إعلنت الحكومة الأسبانية مؤخرا عن حزمة التحفيز الاقتصادى الجديدة والتى تبلغ قيمتها 6.3 مليار يورو لدعم القدرة التنافسية للاقتصاد وتقليص معدلات البطالة وزيادة الانتاج كمؤشر على عزم مدريد المضى قدما فى اجراءات مواجهة تحدياتها الاقتصادية من خلال الاعتماد على قدراتها الذاتية بدرجة اكبر من اللجوء الى صفقات الانقاذ الاوروبية .
وتتضمن خطة التحفيز الاسبانية استثمارات خاصة بقيمة 2.67 مليار يورو واستثمارات عامة بقيمة 3.63 مليار يورو ، وقروضا للشركات الصغيرة والمتوسطة ، وتعزيز الاستثمارات فى مجالات البحث والتنمية والنقل وترشيد الطاقة .

الاقتصاد الأسباني يتعافي
وتؤكد خطة التحفيز تعافى الاقتصاد الاسبانى من أزمة الركود التى أصابته ودفعت الشركاء الأوربيين الى تنفيذ صفقة إنقاذ للمصارف الأسبانية التى عانت من أزمة الديون السيادية عام 2012.
وبحسب الخبراء الاقتصاديين بمؤسسة الاستشارات المالية الاسبانية أن الحكومة الاسبانية تسعى حاليا الى دعم الشركات وبيئة الاستثمار عن طريق تقليص المعدل الرئيسى لضرائب الشركات من 30% الى 25 %.
أسرع نمو منذ 2008
وقال "ماريانو جونزاليس" الاستشارى بالبنك المركزى الاوروبى إن اقتصاد أسبانيا نما خلال الربع الثانى من عام 2014 بأسرع معدل له فى ربع واحد منذ عام 2008 .. حيث زاد الناتج المحلى الاجمالى بنحو 0.4 % بينما انخفض عدد العاطلين بنحو 318.5 ألف شخص خلال الاشهر ال 12 الماضية.

المشكلة الأكبر
و أما النقطة السوداء العملاقة فتكمن في البطالة التي لا تزال أعلى من 25% في أسبانيا.
لكن بحسب ما أشار "جونزاليس" الى ان التراجع المتواصل فى معدلات البطالة بأسبانيا يتماشى مع تحسن الاوضاع الاقتصادية متوقعا مزيدا من الانخفاض لمعدل البطالة وخاصة عقب تنفيذ خطة التحفيز وخفض الضرائب على الشركات .
من جانبه قال "خوسيه ماريا كافالو" كبير الخبراء الاقتصاديين بمؤسسة "سبانيش ساتش أند ساتش" ان معدلات النمو الاقتصادى بأسبانيا العام الحالى سوف تعد الأسرع بمنطقة اليورو بفضل التنافسية الاقتصادية ، موضحا ان التعافى الاقتصادى ببلاده جاء نتيجة للسياسات الحكومية الرامية الى معالجة الاختلالات الاقتصادية والمالية وتوفير البيئة المواتية للاستثمار.
واضاف "كافالو" – الخبير السابق بصندوق النقد الدولى - ان تأثير التعافى الاقتصادى بأسبانيا بات واضحا فى قطاعى التوظيف وزيادة النمو الاقتصادى متوقعا المزيد من التحسن الاقتصادى على المدى المتوسط مع تطبيق خطة الاصلاحات الضريبية التى من المقرر ان تقرها الحكومة الاسبانية فى منتصف يونيو الجارى .

ضرورة تدخل المركزي
إلا أنه شدد على أن استمرار النمو الاقتصادى على المدى الطويل بأسبانيا يستلزم تخفيف البنك المركزى الاوروبى للاجراءات التقشفية الصارمة لتعزيز الطلب المحلى مطالبا الحكومة الاسبانية ببذل المزيد من الجهود لخفض معدل البطالة الذى يقارب حوالى ستة ملايين شخص .
وأوضح ان المؤسسات الاقتصادية الاوروبية والدولية ومن بينها صندوق النقد الدولى والبنك المركزى الاوروبى أشادت بالاجراءات التى اتخذتها أسبانيا لتعزيز نموها الاقتصادى والاستثمارات وفى مقدمتها تعديل قوانين العمالة ودعم الاستثمارات الخاصة.
وفى السياق ذاته قال أنطونيو أميليو الاقتصادى الاسبانى الشهير ان دول منطقة اليورو ومن بينها أسبانيا تواجه اشكالية كبرى تتمثل فى كيفية تعزيز " إقتصاد المعرفة " فى اطار السياسات التقشفية الحالية من أجل زيادة معدلات النمو الاقتصادى .
وأضاف إن مؤشرات النمو الاقتصادى باسبانيا باتت واضحة حاليا بعد ثلاثة أعوام من الازمات الاقتصادية لافتا الى ان استدامة التعافى الاقتصادى بأسبانيا يستلزم دعم معدلات النمو والتوظيف وزيادة الانفاق على البحث العلمى والابتكارات .

اضرار السياسات التقشفية
وأشار إلى أن السياسات التقشفية التى تبنتها حكومات دول منطقة اليورو ومن بينها أسبانيا قلصت معدلات الانفاق على البحث والابتكارات منوها الى ان مدريد خفضت معدلات الانفاق على البحث العلمى بنحو 25 فى المائة خلال الفترة من عام 2008 حتى 2012 .
وحذر من أن تخفيض ميزانية البحث العلمى والابتكارات بأسبانيا على المدى الطويل سيهدد بحرمان رابع اكبر اقتصاد فى أوروبا من الكوادر البشرية المدربة والموهوبة وهو ما سيؤثر سلبا على القدرة التنافسية لاقتصادها والاستثمارات القادمة من غرب أوروبا والولايات المتحدة والصين .
من جانبه قال روساريو كريسبو مدير البحوث والاستشارات الاقتصادية بمؤسسة التمويل الأسبانية ان خطط الحكومة الاسبانية تركز حاليا على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص واعادة النظر فى أولويات الانفاق لدعم التنافسية وتقليص معدل البطالة .
وأضاف انه يوجد ارتباط وثيق بين الاستثمارات العامة والخاصة فى مجال البحث والابتكار مشددا على ضرورة تعزيز الشراكة بين الجامعات الاسبانية ومؤسسات الاعمال ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة . الا انه أوضح أن الضغوط التى تمارسها المفوضية الاوروبية على أسبانيا لمواصلة الاجراءات التقشفية وتقليص معدلات العجز فى الميزانية والديون السيادية تشكل مصدر تهديد لنمو الناتج المحلى الاجمالى باسبانيا على المدى الطويل.
مشاركة على

Unknown

وصف الكاتب هنا

    التعليق بإستخدام حساب جوجل
    تعليقات الفيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق