لأجل عيون السلطة.... الحكومات العربية.. سخاء في التسليح وهدر للمقدسات والأرواح



كتب - أحمد طلب
في ظل اتجاه الدول العظمى بالعالم إلي تقليص ماتنفقة على التسلح وتوفير هذا الكم الهائل من الأموال في الإنفاق على الضمان الاجتماعي حتي يستفيد به المواطن، ولمواجهة التضخم والنمو السكاني.
ولكن بعكس الإتجاه العالمي لهذا الخفض نجد أن الدول الإسلامية وخاصة العربية منها، تسعي وبكل الطرق إلي التربع علي قائمة الدول الأكثر شراءً للأسلحة في العالم؛ ولكن ماذا تفعل بهذا السلاح؟ هل تحمي شعوبها؟ هل تدافع عن مقدساتها؟ هل تأمن حدودها وسيادة أراضيها؟ أم تقوم بعض الدول الاسلامية والعربية بأستخدام هذه الأسلحة فى قتل وترويع شعبها الذى يعاني ليل نهار.
أمريكا تقلص انفاقها  
لا تزال سياسة إدارة أوباما والكونجرس متمسكة بالحد من الإنفاق على القوة العسكرية الأمريكية، وتظهر توقعات الميزانية الجديدة للحكومة لعام 2015 مدى تقليص البنتاجون بشدة لها، فالإنفاق الدفاعي ثابت بين عامي 2013 و 2024، حيث كان 626 بليون دولار في عام 2013 وسيكون 630 مليار دولار في 2024، ومع ضبط التضخم والنمو السكاني، سيحد من تلك النسبة للربع.
وكنسبة من الموازنة الاتحادية، فهو يقلصها بحوالي 18% في عام 2013 لتصل إلى 11% في 2024، وفي الوقت نفسه، الإنفاق في الضمان الاجتماعي بالقيمة الإسمية للدولار يزيد 85% إلى 1.5 تريليون دولار بحلول 2024 والرعاية الصحية 75% إلى 863 بليون دولار. فالمكاسب المعدلة حسب التضخم هي أيضا كبيرة.
السعودية تتفوق
وإذا كان هذا هو الحال في أمريكا، سيدة العالم، والحليف الأول لدول الاعتدال العربي كما يطلق عليها، وعلى رأسهم السعودية، غير أن السعودية تسير بنهج معاكس!
فثمة تقرير أصدره "المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية" في لندن يقول، أن السعودية تفوقت على بريطانيا لتصبح رابع أكبر دولة في العالم إنفاقا على السلاح في عام 2013. وأضاف التقرير أن ميزان القوى العسكري العالمي يتغير نتيجة لخفض الإنفاق الدفاعي في الدول الغربية ونموه في آسيا والشرق الأوسط.
وكشف التقرير أيضا إن السعودية أنفقت 59.6 مليار دولار - وهو تقدير قال باحثون إنه محافظ بشدة- لتأتي في ترتيب متقدم على بريطانيا التي أنفقت 57 مليار دولار.
سلاح العرب للقمع
وبالنظر إلى إنفاق الدول العربية كنسبة من الناتج المحلي على المستوى القطري لا يستهان بها، ولكن ما من دولة عربية نجحت في توفير ما يمكن اعتباره الأمن الكامل داخليًا وخارجيًا. ولا أدل على ذلك من أن ارتفاع نسبة الإنفاق لدول الخليج للأغراض العسكرية لم يشفع لها في أن تستعين بأمريكا والغرب في توفير الحماية اللازمة من خلال القواعد العسكرية، وغيرها من اتفاقيات الحماية المشتركة.
ومما يمكن رصده في هذا المضمار أن الإنفاق للأغراض العسكرية بالدول العربية بهذه النسب المرتفعة من الناتج المحلي لم ينجح في خلق مجتمعات ديمقراطية، ولكنه ولد مزيدا من الدكتاتورية للنظم القمعية الحاكمة، فلا توجد دولة عربية واحدة يمكن اعتبارها راسخة في تجربتها الديمقراطية، فحتى تجارب الديمقراطية الوليدة يتم التآمر عليها من قبل العسكر بالدول العربية، لكي يؤول الأمر إليهم مرة أخرى.
سلاح بلا أمن 
من الطبيعي أن يكون الإنفاق العسكري له مردوده الاقتصادي والاجتماعي، ولكن الملاحظ أن هناك علاقة غير طبيعية في الوطن العربي. ففي الوقت الذي تزداد فيه النفقات العسكرية، نجد أن الأداء الاقتصادي والاجتماعي لم يتحسن باطراد، نتيجة هذا الإنفاق. فالهجرة غير الشرعية من الدول العربية لأوروبا ما زالت مستمرة، بل في تزايد، كما أن الفقر والبطالة لا يزالان ينموان بمعدلات تثير المخاوف.
حتى إن المنطقة العربية تُعد الأقل حظًا مقارنة بباقي أقاليم العالم من حيث جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث تشير بيانات عام 2012 إلى تراجع نصيب المنطقة العربية من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى نسبة 2.7% من إجمالي الاستثمارات العالمية، بعد أن كانت عام 2011 بحدود 5%.
كما أن حركة السياحة تتأثر كذلك بسبب حالة الاضطراب الأمني بالمنطقة منذ فترة، فالمنطقة العربية تستقبل نسبة 8.3% من حركة السياحة العالمية، حسب بيانات 2010، على الرغم من امتلاكها لثروات ومعالم سياحية هائلة، تؤهلها للاستحواذ على أضعاف هذه النسبة، ولكنها الظروف الأمنية المضطربة التي تشهدها المنطقة سواء بسبب النزاعات البينية، أو تلك المتعلقة بتدخل القوى الدولية.
ولعل ثورات الربيع العربي كانت ترجمة لهذا التردي الاقتصادي والاجتماعي، وشعور المواطنين بغياب العدالة الاجتماعية، وتسلط النظم العربية. فالمجتمع العربي اكتشف أن الإنفاق العسكري يأتي من أجل تحقيق أمن الأنظمة الدكتاتورية وليس لأمن المجتمعات والدول العربية.
أولويات الحكام العرب
من أهم الأدوار المنوطة بالدولة تحقيق الأمن الداخلي والخارجي، ولذلك أُدرج الإنفاق على تحقيق الأمن بمفهومه العام ضمن أهم بنود الإنفاق بموازنات الدول. والملفت للنظر في الإنفاق على الأغراض العسكرية في العالم العربي، عدة أمور منها، أن الأمن القومي العربي لا يمثل اهتماما جمعيًا من قبل الدول العربية، سواء من خلال مؤسسات الجامعة العربية، أو حتى على صعيد تنسيقي قطري بين الدول، ولكن كل دولة تدير شأنها الأمني الخارجي والداخلي بمعزل عن بقية الدول الأخرى.
ويدلل على ذلك الأزمات التي مرت بها الدول العربية على مدار العقود الثلاثة الماضية، فلم نشهد تحركا عربيا جماعيا تجاه إحدى الأزمات التي مرت بها أية دولة عربية، بل المشاهد عكس ذلك، فالسلاح العربي استخدم في حروب عربية عربية، أو في مساهمة العرب في التدخلات الغربية بالمنطقة كما حدث في العراق وليبيا.
والأمر الثاني أن جل الأسلحة المستخدمة في الدول العربية، إنما هي إنتاج أمريكي غربي، يتم استيراده بشكل دائم، ولا يتم إنتاج السلاح أو أجزاء منه إلا في عدد قليل من الدول العربية، وبالتالي ستظل الدول العربية أسيرة استيراد التكنولوجيا العسكرية، وهي مرتبطة باعتبارات أمنية للمنطقة من المنظور الأمريكي الغربي، وهو ألا يمتلك العرب أية تكنولوجيا عسكرية لا يمتلكها الكيان الصهيوني.
حجم الإنفاق العربيالإنفاق العام له قواعده الاقتصادية المتعارف عليها، وأهم هذه القواعد العائد على الإنفاق، فمتى تحققت الوظيفة التي خصص من أجلها الإنفاق كان الإنفاق إيجابيًا، بغض النظر عن حجم هذا الإنفاق كبيرًا كان أو صغيرًا.
إلا أن مشاهد استخدام السلاح في الدول العربية ضد شعوبها تجعلنا نتساءل عن جدوى الإنفاق العربي على التسليح. ففي ثمانينيات القرن العشرين تم ضرب الأكراد بالسلاح الكيميائي من قبل نظام صدام حسين في العراق، وفي ليبيا تم تفكيك السلاح الكيميائي في إطار صفقة المصالحة لنظام القذافي مع الغرب، وفي هذه الأيام يتكرر الأمر في سوريا حيث سيتم تفكيك السلاح الكيميائي في إطار صفقة لتسوية الأزمة السورية، وفي العديد من دول الربيع العربي استخدم السلاح في مواجهة المتظاهرين، وسقط منهم آلاف الشهداء والمصابين، في ليبيا وسوريا ومصر واليمن وتونس.
وتشير بيانات معهد إستوكهولم لبحوث السلام إلى أن الإنفاق العسكري لإحد عشرة دولة عربية بلغ في عام 2011 نحو 103 مليارات دولار، وأتت المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول العربية في ذلك العام من حيث حجم الإنفاق العسكري بقيمة 48.5 مليار دولار، تليها الإمارات بنحو 19.1 مليار دولار، وكانت أقل الدول العربية من حيث الإنفاق العسكري لعام 2011 هي البحرين بنحو 878 مليون دولار.
فما جدوى هذا الانفاق الضخم إذا حال استمرار الانهيار الأمني، والقمع، والاعتداء على المقدسات والأرض كما هو الحال في فلسطين والإمارات؟
مشاركة على

Unknown

وصف الكاتب هنا

    التعليق بإستخدام حساب جوجل
    تعليقات الفيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق