رحلة سقوط الجنيه المصرى.. أوجاع وأضرار



كتب - أحمد طلب
تعودنا منذ فترة ليست بالقريبة أن نسمع دائما أن الجنيه المصرى يهبط أمام العملات الأجنبية والعربية، ونكاد نكون قد فقدنا الأمل في أن نسمع يوماً أن الجنيه يرتفع فهل يإتي هذا اليوم؟
لا شك أن العوامل الساسية التي تمر بها مصر منذ ثورة الـ25 من يناير 2011 ساهمت بشكل مباشر في تدهور التصنيف الائتماني الخاص بمصر في الأونه الاخيرة وما تبعه من ارتفاع أسعار فائدة القروض التى تبرمها مصر سواء من الداخل أو الخارج. وهروب الاستثمارات، وتراجع معدلات الجذب السياحي، وانخفاض الاحتياطى النقدى بصورة كبيرة وتعويض جزء منه عبر الاقتراض من دول إقليمية فضلاً عن تزايد عجز الموازنة العامة للدولة لضعف ما كانت عليه في موازنة 2010-2011، وأدت الضغوط الشعبية الي التباطوء والحذر في اتخاذ إجراءات عاجلة من شأنها ضبط البوصلة الاقتصادية، وتدعيم الاحتياطي النقدي الأجنبي، وتركز مفتاح الحل في السعي لإبرام اتفاق قرض صندوق النقد الدولي، الذي يعد شهادة ثقة دولية في قدرة الاقتصاد علي النهوض والتعافي، إلا أن هذا الحل تراجع بشكل كبير بعد قرار صندوق النقد الدولي إنه لن يكون هناك مشاورات الأ بعد انتخابات الرئاسة.
الجنيه يتراجع 0.6%
وذكر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن قيمة الجنيه المصرى تراجعت مقابل الدولار بنحو 0.6%، خلال الفترة بين ديسمبر 2013 إلى فبراير 2014، مقارنة بالفترة من سبتمبر إلى نوفمبر 2013.
وأضاف المركز فى التقرير الصادر عنه أنه من خلال متابعة أداء أسواق المال العالمية والعربية والمحلية إن سعر صرف الجنيه المصرى ارتفع أمام الين اليابانى خلال الفترة من ديسمبر إلى فبراير الماضيين بنحو 3.5%، مقارنة بالفترة من سبتمبر إلى نوفمبر.
وعلى أساس سنوى قال المركز أن أغلب العملات قد ارتفعت أمام الجنيه المصرى، فزاد سعر الدولار بنسبة 12.8% والجنيه الاسترلينى بنسبة 13.6% كما زاد سعر صرف يورو أمام الجنيه بنسبة 18.5%.
نبذة تاريخية
114 عامًا مرت على طبع أول إصدار للجنيه المصري الورقي، تربع وقتها على قمة عرش العملات الأغلى في العالم، إلا أنه وصل الآن إلي مستوى متدنٍ أمام نظائره من العملات العربية والأجنبية، وليواجه شبح الاندثار بعدما أصبح معظم المتعاملين يفضلون عليه العملات المعدنية.
وقد عاش الجنيه المصري أزهي عصوره في عهد السلطان فؤاد "1917- 1922" حيث كان يبلغ الجنيه 5 دولارات، وحمل حينها وجهه صورة جملين، وفي الخلف اسم البنك الأهلي المصري الذي كان يقوم حينها بوظائف البنوك المركزية قبل أن يتفرغ بعد تأميمه في الستينات للقيام بدور البنوك التجارية ومنذ هذا الوقت واستمر الجنيه في الانخفاض امام العملات الأجنبية والعربية.
وتدهور الجنيه بعد ثورة 25 يناير 2011 حيث واصل الدولار ارتفاعه أمام الجنيه ليسجل مستويات قياسية لم يحققها من قبل، بعدما وصل إلى 6.19 جنيه، في ظل تراجع الاحتياطي النقدي من العملات الاجنبية ليبلغ في نهاية نوفمبر 2012 نحو 15 مليار دولار واليوم يسجل الدولار 7.1 جنيه.
الآثار السلبية
تتعدد الآثار السلبية لارتفاع سعر العملات الأجنبية والتى تمثل على الجانب الآخر تراجع قيمة الجنية المصرى مما يزيد من قيمة الواردات السلعية والخدمية حيث يصبح مطلوبا دفع عدد أكثر من الجنيهات لاستيراد نفس السلعة والمعدة فى حالة ثبات سعرها بالخارج.
فما بالنا بزيادة أسعار سلع عديدة يتم استيرادها، فى ظل ارتفاع معدلات التضخم فى دول الاتحاد الأوروبى صاحب النصيب الأكبر من الواردات المصرية.
وكذلك زيادة تكلفة تمويل الواردات فى ضوء تراجع التصنيف الائتمانى لمصر، وزيادة هامش التأمين على الواردات المصرية فى ضوء انخفاض التصنيف الائتمانى وزيادة المخاطر، فى بلد يعانى من انقلاب عسكرى وفوضى وانفلات أمنى ومجازر دموية واعتقالات للخصوم السياسيين.
كما يؤدى تراجع قيمة الجنيه وارتفاع تكلفة الواردات الى زيادة تكلفة سلع البطاقات التموينية وبالتالى زيادة الدعم السلعى مما يزيد من عجز الموازنة وصعوبة تخصيص موارد للاستثمارات الحكومية وبالتالى زيادة الدين المحلى والخارجى . وذلك مع موازنة مصابة بالعجز المزمن حيث بلغت قيمة العجز بها بالعام المالى 2012 / 2013 نحو 240 مليار جنيه بنسبة 13.7% من الناتج المحلى الاجمالى بينما تعتبر دول الاتحاد الأوربى الحد المقبول للعجز بالموازنة 3 % فقط.
ومع استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية واقتصار العلاقات الدولية على ثلاث دول خليجية فقط هم "الإمارات ــ السعودية ــ الكويت" مما يصعب الحصول على تمويل خارجى ضخم يزيد من المعروض من العملات الأجنبية حتى فى حالة عودة المعونات الأمريكية فإنها تدور حول 250 مليون دولار فقط كذلك تنخفض قيمة المعونات الأوربية.
وما زال الاتفاق على قرض من صندوق النقد الدولى يواجه صعوبات كذلك تركيز البنك المركزى على الحفاظ على قيمة الاحتياطى من العملات الأجنبية وتقليله من ضخ العملات للسوق مما يعنى توقع استمرار نقص العملات الأجنبية واستمرار السوق السوداء للصرف الأجنبي.
مشاركة على

Unknown

وصف الكاتب هنا

    التعليق بإستخدام حساب جوجل
    تعليقات الفيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق