انقضى عصر الاحتلال العسكري، وبدأ عصر الاحتلال الثقافي والاقتصادي، وفي الحقيقة هذا ليس بالجديد؛ فالنسبة للاحتلال الثقافي فإن الأمة الإسلامية تواجه الكثير من محاولات سلخ ماضيها،وعزلها عن مقدساتها،وتهميش دورها الحضاري والثقافي، وذلك يتجلى في الدعوات التي طفت على السطح في الأيام الماضية تحت مسمى "الثورة الدينية" التي يتبنها بعضهم.
وقد بدأ الأعلام منذ فترة في التروج لأفكار من شأنها صرف المجتمع عن تراثه الإسلامي مثل الهجمه الدروس التي طالت صحيح البخاري، وكذلك الإمام ابن تيمية وغيره.
لكن على المستوى الاقتصادي؛ فإن مصر الآن تواجه محاولة لاحتلال مكنون الاقتصاد المصري، والسيطرة على منابعه، والسطو على مقدراته، وذلك من خلال طرق عدة أغلبها تصب في مصلحة اليهود.
حيث تلوح في الآفاق توأمة خبيثة بين النظام الصهيوني الاقتصاد يوالنظام المصري الذي يعاني.
ظاهر هذه التوأمة هو المصالح المتبادلة وإنقاذ الاقتصاد المصري المنهك من الأزمات والكبوات، ولكن باطن هذه التوأمة أو التطبيع هو السطو والسيطرة، بل إن شئت قل الامتلاك والتحكم.
ربما يستغرب بعض الناس كلامي ولا يتخيله أو يقول آخر وأين النظام من هذا وأين الإدارة الحكيمة والأيدي الأمينة؟!
حتى نجيب على هذا التساؤل، ولكي تكتمل الصورة أريد أن أتوقف معكم عند حدث استوقفني كثيرا، وهو ليس بالبعيد فخلال مؤتمر دافوس الاقتصادي اجتمع الوفد المصري برئاسة السيسي، ومحافظ المركزي، ووزير المالية، مع "كريستين لاجارد" مديرة النقد الدولي، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن المجموعة الاقتصادية المصرية من كبيرها لصغيرها تجلس أمام "لاجارد" وتتلقى التعليمات، وخطة الاقتصاد التي عليهم أن ينفذوها بحذافيرها، وبالفعل سرعان ما تم تنفيذ تعليمات "لاجارد" وقام المركزي بخفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، إذا هكذا تصدر القرارات الاقتصادية في مصر.
عموما لاجارد ليست هي قضيتنا، ولكن المشكلة تكمن في خطر اليهود القادم من خلال بوابة المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ التي تنظمه مصر لدعم الاقتصاد، أو بالأحرى مؤتمر احتلال اليهود لاقتصاد مصر.
وكما قلت في مقال سابق أن هذا المؤتمر هو الخطر القادم وربما يقود الاقتصاد المصري إلى الهاوية، بل هو طريق تسلم مصر على طبق من ذهب إلى أيدي الغرب بقيادة يهودية.. وذلك عن طرق تمكن "الشركات متعددة ومتعدية الجنسيات" من صلب الاقتصاد المصري.
وقد أبرزت زيارة الوفد اليهودي إلى مصر في أول أيام فبراير الدور الاقتصادي الذي يسعى اليهود إلى تمثيله، سواء من خلال التحكم المصادر الأساسية الداخلة للاقتصاد وحتى امتلاك أصول ثابتة، وذلك من خلال مؤتمر مارس.
الطبيعي أننا من نحتاج الغاز لذلك علينا نحن الذهاب للتفاوض لكن العكس هو الذي حدث، حيث وصل الوفد الصهيوني إلى القاهرة على متن طائرة خاصة في زيارة تستغرق عدة ساعات، وذلك للتفاوض على شراء ما لا يقل عن خمسة مليارات متر مكعب من الغاز لمدة ثلاثة سنوات.
في الحقيقة الهدف لم يكن فقط التفاوض على الغاز ولكن كان النظر على مؤتمر مارس، أو الاطمئنان على الغنيمة التي سيحصدها اليهود في مؤتمر مارس، ولكن يبقي السؤال: هل يتمكن اليهود من احتلال مصر اقتصاديًا؟!.. هذا ما ستثبته الأيام.
0 التعليقات :
إرسال تعليق