لا يخفي على الجميع الأزمة المالية والفجوة
التمويلية الخانقة التي تمر بها مصر في العقود الأخيرة، لكن الفجوة اتسعت في
الآونة الأخير بصورة تثير القلق حيال وضع الاقتصاد المصرى وكذلك مستقبله القريب في
حال استمرت هذه الفجوة في الاتساع.
وبعد ارتفع الدين
العام الخارجي إلى 46.1 مليار دولار وهذه القيمة أعلى من قيمة الدين خلال حكم "مرسي"
بنسبة 6.6% حيث سجل الدين العام الخارجي بنهاية يونيو 2013 نحو 43.2 مليار دولار،
وفي الحقيقة هذا رقم خطير جدًا بسبب هبوط المؤشرات الاقتصادية المصرية وكذلك جفاف
المنابع والمصادر التمويلية التي يعتمد عليها الاقتصاد.
فلو فرضنا
مثلًا أننا في بلد تعمل بها كل القطاعات الاقتصادية بصورة منتظمة كالصناعة، الزراعة،
التجارة الخارجية، السياحة، الاستثمارات، لقولنا :إن مثل هذه الأرقام نستطيع أن
نعالجها ولو حتى في الأجل المتوسط.
ولكن تعالوا
بنا ننظر إلى هذه القطاعات كل قطاع بشكل منفرد وننظر إلى حاله في الوقت الراهن،
وانظروا معي أولاً إلى الإنتاج الصناعي في البلاد الذي يعاني الهبوط الواضح وكذا إغلاق
المصانع.
وانظروا أيضا
إلى التردي الملموس للمنتجات الزراعة حتى القطن الذي كان يعد كنز استراتيجي مصرى
أو ما يسمي "الذهب الأبيض" لم يعد الآن لا كنز ولا ذهب بل في الحقيقة
فقد ذهب القطن في مهب الريح.
وفيما يخص
التجارة الخارجية فأبسط ما يقال عن حال التجارة في مصر ومستقبلها ما حدث في
اتفاقية "الرورو" حيث إن اتجاه الحكومة المصرية نحو إلغاء هذه الاتفاقية
مع تركيا يجعلنا نستطيع أن نقول :إن الحكومة تحاول أن تلعب "دور الفتاكة والذكاوة" في وقت لا يحتمل مثل هذه القرارات
الغير مدروسة في الحقيقية وغير محسوب آثارها
السلبية.
وخاصة مع دولة
مثل تركيا التي تملك اقتصاد قوى ولديها حلول كثيرة أيضًا، وبعيدًا عن إلغاء
اتفاقية "الرورو" فإن الميزان التجاري المصرى يعاني خللاً كبيرًا ويحتاج
إلى إدارة واعية بشكل كبير.
وعلى مستوى القطاع
الأهم وهو السياحة التي تعد أحد المصادر الرئيسية بالاقتصاد المصرى وذلك في حال
انتعاش السياحة سينتعش معها قطاعات اقتصادية كثيرة، وهذا ما يميز السياحة على وجه
الخصوص حيث إنها من أبرز مصادر العملة الأجنبية التي تعاني الدولة من نقصها بشكل
واضح في الآونة الأخيرة سواء على المستوى الرسمي "البنوك والاحتياطي النقدي"
أو على مستوى السوق "شركات الصرافة ، السوق السوداء" حيث سجل سعر صرف
الدولار 770 قرشًا وهو أعلى معدلاته في عامين، وقد أضاف لسعره نحو 13 قرشًا في أسبوعين
متخطيًا حاجزًا في الوقت الذي لا يزال سعره في البنوك يتراوح بين 715 قرشا للشراء و718
قرشًا للبيع.
ولكن في حال
نشاط السياحة سيتم توفير العملة الأجنبية بشكل كبير ولم نكن سنشهد قفزات الدولار
تلك.
أما عندما
نتكلم عن الاستثمارات الأجنبية فحدث ولا حرج فمصر أصبحت رائدة في مجال طرد
الاستثمار لا جذب الاستثمار وذلك لأسباب كثيرة تحتاج إلى تفصيل أكثر ليس له مجال الآن.
عمومًا بعد أن
تحدثت معكم عن جزء من المصادر الرئيسية والقطاعات الاقتصادية الأساسية في مصر
ولاحظتم قدر الترهل والهبوط، مؤكد أن هذا الكلام قد آثار داخلكم السؤال الذي دفعني
لكتابة هذا المقال وهو على ماذا يعتمد الاقتصاد المصرى الآن؟ وما الذي يجعل
الاقتصاد المصرى متماسكًا ولو قليلاً حتي اليوم؟ !!!
في الحقيقة
الذي جعل الاقتصاد المصرى متماسكًا حتى الآن عاملين رئيسين وهما الاقتراض
"الداخلي – الخارجي" والمساعدات الخليجية، ولكن هل يستطيع أى اقتصاد أن
ينهض بالاقتراض والمساعدات ؟
طبعًا لا
يستطيع أي اقتصاد في العالم سواء كان صغيرًا أو كبيرًا أن ينهض من خلال الديون
والمنح، ولكن لا شك أن الدولة أحيانًا تكون في حاجة ملحة لها، لكن إذا اعتمدت
عليها بشكل أساسي تكون في طريقها إلى تدمير الاقتصاد ودفعه نحو الإفلاس.
وبالنظر إلى
وضع الديون المصرية "الداخلية _الخارجية" وكذلك المساعدات الخارجية
ومستقبلها القريب نجد أن:
بالنسبة
للديون المحلية فبحسب ما قال وزير المالية المصرى "هاني قدري دميان" :إن
إجمالي حجم الدين المحلي ارتفع إلى نحو 1.908 تريليون جنيه، بما يعادل 95.5% من الناتج
المحلي، مقارنة بنحو 1.644 تريليون جنيه أو ما يعادل 93.8% من الناتج المحلي في العام
المالي السابق.
وبالنسبة الديون
الخارجية فقد ارتفع الدين العام الخارجي إلى 46.1 مليار دولار وهذه القيمة أعلى من
قيمة الدين خلال حكم "مرسي" بنسبة 6.6% حيث سجل الدين العام الخارجي بنهاية
يونيو 2013 نحو 43.2 مليار دولار.
وكذلك بحسب ما
قال البنك المركزى المصرى :إنه باع ما قيمته 734.3 مليون يورو من أذون خزانة لأجل عام،
متجاوزا القيمة التى عرضها على البنوك المحلية والمؤسسات المالية الأجنبية، بمعني
أن الحكومة اقترضت نحو 734.3 مستحقة عليها في 18- نوفمبر- 2015.
عمومًا .. أظن أن وضع الديون المصرية لا يحتاج للكثير من
الكلام فالأرقام خير دليل على الوضع المتأزم الذي نعيشه.
وبخصوص
المساعدات الخليجية التي في الحقيقة لها أثر بالغ الأهمية على تماسك الاقتصاد
المصرى، فلولا دعم الخليج الممثل في "السعودية، الكويت، الإمارات" لما
بقي اقتصاد مصر على حاله حيث أن هذه الدول لعبت دور مهم جدًا في عدم سقوط الاقتصاد
المصرى في الهاوية، وتختلف الأقوال في مقدار هذه المساعدات سواء النقدية أو النفطية
ولكن بغض النظر عن حجمها الذي طال الحديث فيه، فإنه من المتوقع ألا يستمر الخليج
في هذا الدعم بنفس الوتيرة كثيرًا وذلك لعدد من الأسباب أبرزها:
- الخسائر الضخمة
التي يحصدها الخليج في الفترة الحالية بسبب تهاوي أسعار النفط لأدنى مستوياتها في أكثر
من أربعة أعوام، حيث وصلت خسائر السعودية وحدها أكثر من 130 مليار دولار، ولا
تختلف خسائر الكويت أو الإمارات كثيرًا.
-ومن الأسباب
التي ربما تكون ذات تأثير كبير في الأيام القادمة هي اتجاه أغلب دول الخليج لرفع
الدعم عن بعض المشتقات النفطية عن مواطنيها واتجاه دولة مثل السعودية نحو التقشف
لأول مرة منذ عقود، وسبقتها في ذلك كلاً من الإمارات والبحرين، ولكن لماذا نقول أن
رفع الدعم سيغير خريطة دعم الخليج لمصر !!
دائما في كل
الدول عندما تتجه الحكومة لرفع الدعم عن مواطنيها بأي شكل من الأشكال تواجه
باعتراضات شعبية كثيرة وخاصة بالنسبة لحال في الخليج فقد بلغت الزيادة في الأسعار
أكثر من الضعف وكذلك يواصل التضخم في الخليج ارتفاعه، كل هذه الأمور ستؤثر بشكل
كبير على المركز المالي وموازنات هذه الدول، وبديهي سيكون التأثير مباشر على كمية
الدعم التي يضخها الخليج لمصر سواء النفطي أو النقدي.
أذًا ماذا
ستفعل مصر في حال إغلاق ملف استمرار الاقتراض، وإذا ما رفع الخليج يده عن دعم مصر؟
0 التعليقات :
إرسال تعليق