الأرقام الاقتصادية باتت هي الموضة الأبرز على الساحة المصرية؛ حيث أصبح الجميع يقول ويفتي ويبرهن بأرقام لا وجود لها أصلًا، سواء كان المتكلم مسئولًا لا علاقة له بالاقتصاد؛ أو حتي إعلامي يريد أن يثبت أنه صاحب خلفية اقتصادية، أو ثقافة عامة،وفي الغالب لا تستند هذه الأرقام إلى أي إحصائات رسمية؛ سواء كانت حكومية أو من خلال منظمات بحثية.
وعندما نتكلم عن عبثية الأرقام في مصر سيكون السيسي على رأس من استخدم الأرقام الاقتصادية الوهمية لاستعطاف المصريين البسطاء: سواء المتعلمين منهم أو الجهلة على حد سواء؛ لأن الحقيقة أن الغالبية العظمي من المصريين لا يفهمون لغة الأرقام. ولكن الغريب أنهم يتجاوبون معها بشكل لافت للانتباه؛ حيث إنك عندما تتحدث مع شخص ما عن قضية ما وتستعين بأرقام - تجد أن هذا الشخص ينتبه لكلامك أكثر ويصدقة بصورة أسرع، وذلك دونما النظر إلى مصدر هذه الأرقام أو مدى صحتها. وفي الحقيقة هذا ما قام به السيسي في خطاباته الأخيرة؛ حيث استعان السيسي بأرقام كثيرة وكبيرة جدًا لم يتعود الشعب المصرى على سماع مثل هذه الأرقام، ولعدم إدراك الشعب للأرقام الاقتصادية صدق هذه الأرقام.
وعلى سبيل المثال - لا الحصر - أذكر لكم بعضًا من الأرقام التي ذكرها السيسي في خطاباته الأخيرة ولا أريد أن أجزم أنه ربما لا يكون هو نفسه على علم بحقيقة هذه الأرقام أو معناها الحقيقي.
وجاءت الأرقام على لسان السيسي حيث قال "علشان تبقوا عارفين حجم المشكلة وتبقوا عارفين إن الوضع دلوقتي من 3 سنوات كان فيه بند بيدخل اسمه السياحة دلوقتي مش موجودة، يعني بنتكلم في 14 مليار دولار خسارة" وهذا رقم غير دقيق بالمرة فمصر خسرت خسائر طائلة جراء تراجع السياحة جاوزت عشرات المليارات بحسب الخبراء، بالإضافة إلى العدد الضخم الذي تعرض للبطالة بسبب هذه الأحداث والذي يقول بعضهم أنه تجاوز المليون شاب، وهذا دليل واضح على أن السيسي يستخدم ما يسمى "بالبركة" في أرقامه الغريبة والغير منطقية.
وكذلك من الأرقام الغريبة التي ذكرها السيسي هو أن مصر تحتاج إلى 250 مليار للوفاء بالتزاماتها، وهذا يتناقض مع كلامه هو، حيث أنه قال في نفس الخطاب أن ديون مصر جاوزت التريليون وكذلك أن الحكومة اقترضت أكثر من 300 مليار!!! ولكم التعليق.
أما بخصوص وعود السيسي غير الواقعية، قوله: "هنستصلح مليون فدان ونرصف 300 ألف كيلو" فكيف ينفذ هذه الوعود في ظل الحالة المزرية التي ذكرها، أم أن هذا الوعد يثبت نظرية "البركة" الذي يستخدمها حتى يعطي إيحاء للبسطاء أنه على علم ودراية بالواقع الاقتصادي؟
فرضية الإفلاس: هذا هو الشق الثاني الذي أود أن أتناقش معكم فيه، وهل فعلًا الإفلاس يهدد اقتصاد مصر؟ في الحقيقة تعاني الدولة المصرية - منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات - الكثير من المشكلات والأزمات الاقتصادية التي لا يعترف بها الكثير من أصحاب القرار في الدولة، وغالبًا ما يكشف الإعلام الغربي هذه الأزمات، فقد صدر عن مركز مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي تقريرًا منذ ما يقرب من شهرين، يقول فيه: "إن مصر تقترب بشكل خطير نحو الإفلاس، مشيرًا إلى أن بوادر هذا الأمر تظهر في تشديد الحكومة القيود على العملة الأجنبية، وإجبار البنوك على شراء أدوات الدين، وارتفاع متأخرات الديون" وهذا الأمر الذي تفاقم في الآونة الأخيرة؛ وبالتالي تصبح فرضية الإفلاس أقرب.
وقد أوضح تقرير صدر عن "وول ستريت جورنال" أن مصر على رأس الدول المهددة بالإفلاس، ووصف مصر بأنها ضمن الدول تواجه خطر التخلف عن سداد ديونها، و تعاني من مشاكل مختلفة إلى حد كبير بسبب الظروف السياسية، وذكر التقرير أن توقعات وكالة "موديز" عن القاهرة "سلبية"، كما تبلغ نسبة الدين الحكومى 91.3% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2014، حيث قفزت الديون المحلية والخارجية بنهاية العام المالى 2013-2014 لتتجاوز التريليونى جنية، وفي الحقيقة هذه التقارير تثير الكثير من القلق حيال هذا الوضع المترهل والذي لا يواجه أي تخطيط حقيقي من جانب السيسي وحكومته، حيث أن قرارات السيسي وحكومته الاقتصادية جاءت بعد تنصيبه على 3 محاور هامة هي "التقشف،الانهيار ،التسول"، حيث أن أهم قراراته هي إقرار الموازنة العامة الجديدة للدولة؛ أو كما سمها الخبراء بـ"الموازنة التقشفية" وجاء القرار الثاني له بخصوص تعديلات بقانون الضرائب على الدخل، والذى كان أثره مباشر على تعاملات البورصة المصرية حيث "انهارت" البورصة وخسرت 2.4 مليار جنية في "90 دقيقة"، وبخصوص القرار الاقتصادى الثالث للسيسي جاء تحت عنوان "التسول" لدعم مصر أو "حملة تبرعات لدعم الاقتصاد" وصندوق "تحيا مصر"، ولا أظن أبدًا أن تنتشل هذه السياسات مصر من الوضع الاقتصادي الصعب جدًا الذى تمر به ولكننا مازلنا في انتظار ما تحمله الأيام القادمة.
0 التعليقات :
إرسال تعليق