قانون منصور.. تهيئة للاستثمار أم باب فساد جديد؟



كتب - أحمد طلب
أثار القانون الذي أصدره الرئيس المصري المؤقت الذي عينة وزير الدفاع السابق "عبدالفتاح السيسي" الكثير من الجدل ما بين مؤيد ومعارض لهذا القانون.
مضمون القانون يمنع أى طرف ثالث من الطعن فى العقود الاستثمارية المبرمة بين حكومة القاهرة والمستثمرين، والهدف الرسمي من أصدار هذا القانون بحسب الحكومة إلى هو تحسين مناخ الأعمال وتشجيع المستثمرين، ولكن اعتبره آخرون أنه سيفتح باباً للفساد.
نص القانون
يحصر القانون الجديد الحق في الطعن على عقود الأعمال التجارية والصفقات العقارية التي تبرمها الدولة أو أحد أجهزتها على أطراف التعاقد دون غيرهم، في حين كان بالإمكان فى السابق لنشطاء ومحامين رفع قضايا لإبطال صفقات تمت بين الدولة ومستثمرين بسبب ما يوصف بـ"هزالة" ثمن شراء المستثمرين لأراض أو شركات حكومية.
وكانت محاكم مصرية قد أصدرت منذ ثورة 25 يناير قرابة 11 حكماً ببطلان صفقات كانت الدولة طرفاً فيها بعد طعون قدمها أناس ليس لهم علاقة مباشرة بتلك الصفقات، إذ تقدم نشطاء ومحامون بدعاوى اتهموا فيها الدولة ببيع شركات بثمن بخس، وذلك ضمن ممارسات فساد كانت متفشية في قطاع الأعمال أثناء حكم الرئيس حسنى مبارك.
آراء مؤيدة للقرار
يعتبر أكثر المستفيدين من هذا القرار هم المستثمرين الخليجيين، فقد طالبوا بمزيد من الضمانات لحماية استثماراتهم في مصر وجاء هذا القانون مصلحتهم.
ويوضح الاقتصادي في "كابيتال إيكونوميكس" جيسون توفي، أن التشكيك في قانونية العقود كان أحد العوامل وراء قلة تدفق الاستثمار الأجنبى إلى مصر منذ اندلاع ثورة يناير 2011، ولذلك فإن هذا القانون يوفر الحماية التى يرغبها بعض المستثمرين.
وكانت محكمة فى 2011 قد ألغت صفقة بيع سلسلة متاجر "عمر أفندي" إلى مستثمر سعودى بعد أن انتقد البعض صفقة البيع قائلين إن ثمنها كان هزيلاً.
رئيس "مجلس الأعمال السعودى المصرى" قال: "إن قضايا مماثلة لقضية متاجر عمر أفندي أثنت أثرياء سعوديين عن شراء أصول فى مصر"، معبراً عن ثقته بأن القانون الجديد سيؤدى إلى تدفق الاستثمارات التى لن تقل قيمتها عن 15 مليار دولار في السنوات الثلاث القادمة".
بدورها شركة "سنتامين" لاستخراج الذهب في مصر سارعت إلى القول: "إن القانون الجديد قد يؤدي إلى إسقاط دعوى قضائية بحقها".
وكانت الشركة التي تتركز أعمالها في مصر أقامت دعوى استئناف فى 2012 على حكم قضائى يشكك بحقها في تشغيل منجم السكري، منجمها الوحيد المنتج.
وقال نائب رئيس "الهيئة العامة للاستثمار" نيفين الشافعى،: إن أهمية قانون تنظيم إجراءات الطعن على العقود الاستثمارية التي تبرمها الدولة، في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والعربية الجديدة فى الفترة المقبلة.
وقالت الشافعى: "إن الفترة الماضية التى أعقبت اندلاع ثورة 25 يناير شهدت العديد من الدعاوى القضائية ببطلان عقود استثمار أبرمتها الحكومة مع عدد من المستثمرين المصريين والعرب والأجانب، ساهمت فى تخوف رجال الأعمال، وعدم الاستقرار الاقتصادى والسياسى"، مشيرةً إلى أن الفترة الحالية تشهد عودة الاستقرار الأمنى والسياسى بنسبة مرضية، "ولكن لكى تستعيد الدولة عافيتها الاقتصادية ودورها بين الدول الأكثر جذباً للاستثمار، يجب أن يشعر المستثمر ورجل الأعمال المصرى قبل الأجنبى بالاطمئنان على رأس ماله وشركاته، لأن القاعدة الاقتصادية الشهيرة تؤكد أن رأس المال دائماً جبان".
أصحاب القضايا
فى المقابل، رفض صاحب أول دعوى بطلان ضد خصخصة شركة "عمر أفندى" يحيى حسين، ما وصفه بـ"غل يد المواطن وتكبيله"، ومنعه من أحد حقوقه التى يكفلها الدستور المصرى الجديد، وذلك جراء قرار رئيس الجمهورية بقانون قصر الطعن على العقود التى تبرمها الحكومة على طرفى التعاقد.
وأكد على أن هذا القانون سيتسبب فى عدم الثقة، ويعتبر ضربة قاصمة فى وجه القضاء المصرى النزيه، إلى جانب أنه يخالف الدستور الجديد، الذى تنص أحد بنوده على أن طعن المواطن على العقود التى بها شبهة فساد هو حق مكفول.
بينما قال صاحب دعوى بطلان عقد بيع شركتى "المراجل البخارية" و"طنطا للكتان" عبدالغفار مغاورى: "إن الدولة ترسخ من جديد وبكل جراءة نظام الفساد لتضرب بسلطة القضاء الشامخ عرض الحائط".
من جهته قال المحامى وائل حمدى: "إن النزاعات التى تنظرها المحاكم حالياً بعد تقديم طعون على صحة عقودها، ستؤدى إلى استفادة بعض الشركات والهيئات الاستثمارية من القانون الجديد".
الكارثة
القيادى العمالى طلال شكر وصف القانون، بـ"الكارثة"، موضحاً أن القانون سيحصن كل العقود والصفقات المشبوهة التى تمت أثناء بيع شركات قطاع الأعمال العام ووقف صدور أحكام جديدة بعودة هذه الشركات إلى الدولة، نظرًا للفساد الذى شاب هذه العقود.
وأضاف أن هذه الملكيات والشركات تخص الشعب المصرى وكل مواطن له الحق الطعن على هذه التصرفات.
وقال الاقتصادى فى معهد "سيجنت" مصطفى بسيوني: "رغم أن القانون السابق على هذا التغيير كان يساء استغلاله باستمرار وبدرجة كبيرة، فإن هذا التعديل يزيل فعليا جانبا من الإشراف القضائي والمدني على الصفقات الحكومية، كما أن هناك قلقا من ألا تجد الشركات التي لن يحالفها الحظ في الفوز بالصفقة سبيلا قانونيا للطعن في قرارات الحكومة".
فى حين وجد الباحث فى "مجموعة بلاتفورم لندن"التى تركز على قضايا العدالة الاجتماعية والبيئية مايكا مينيو بالويلو، إن القانون الجديد سيضعف الإشراف الديمقراطي، مضيفاً "أن القانون لا يتضمن آلية أو وسيلة تتيح للمواطنين التدخل ومنع الفساد أو الطعن في انتهاكات القانون والعقود الجائرة."
أضاع حقوق العاملين
"اتحاد عمال مصر الحر" برئاسة على البدرى، أصدر بياناً لرفض إصدار قانون تنظيم إجراءات الطعن على عقود الدولة، تحت مسمى رعاية الاستثمار والمستثمرين.
وقال رئيس الاتحاد: "إن هذا القانون يحرم العاملين بالشركات المخصخصة بغرض الاستيلاء على أرضها من إقامة دعاوى بطلان عقود بيعها، ما يعد حماية للمستثمر الفاسد الذى أوقف النشاط، واستولى على الأراضى وطرد العمال من عملهم، بغرض تحويلها من أراض صناعية إلى سكنية"، مشيرا إلى رفض القانون لتستره على مجموعة من الفاسدين الذين استولوا على المال العام، على حد وصفه.
بينما يقول الخبير الاقتصادي، حمدي عبد العظيم: "القانون رغم كونه خطوة لتدعم اقتصاد البلاد المتعثر إلا أنه يعد أول خطوات الفساد الحكومي، والقانون يحمي الصفقات التي تجرى بين الحكومة والمستثمرين، ما يعني تحصين كافة الإجراءات والقرارات الصادرة عنها".
وتابع: "الحكومة تقوم تسعى من خلال هذا القانون بحماية المستثمرين وتكفل لهم جميع سبل الراحة على حساب المواطنين".
مشاركة على

Unknown

وصف الكاتب هنا

    التعليق بإستخدام حساب جوجل
    تعليقات الفيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق