يعتبر السودان بلدا غنيا بالموارد الطبيعية (الأراضى الخصبة، والمياه الوفيرة ,الغابات , الثروة الحيوانية) فهو من حيث موارده الطبيعية وثرواته من أغنى إحدى عشرة دولة في العالم ولكنه في نفس الوقت مصنف من حيث تقدُّمه الاقتصادي من أفقر إحدى عشرة دولة في العالم وويعمل غالبية سكانه بالزراعة حوالى 80% وقد شكلت المحاصيل الزراعية النقدية كالقطن والسمسم والصمغ العربى المصدر الرئيسى للصادرات السودانية حتى عام 1999 وهو العام الذى بدأ فيه تصدير النفط السودانى ومن ثم شهدت صادرات السودان الزراعية تدهورا ملحوظا .
ويعانى الإقتصاد السوداني عدد من المشاكل واهمها التضخم الذي يواصل التفاقم خلال الأشهر الثلاثة الماضية وأرجع الخبراء ذلك لارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات.
التضخم يرتفع إلى 46.8%
قال الجهاز المركزي للإحصاء في السودان، إن معدل التضخم السنوي في البلاد ارتفع إلى 46.8 في المئة في يوليو من 45.3 في يونيو، مع ارتفاع حاد في أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات.
وارتفعت الأسعار بشكل كبير في السودان منذ انفصال الجنوب في 2011، ما حرم الخرطوم من ثلاثة أرباع إنتاج النفط، وهو المصدر الرئيسي للنقد الأجنبي في البلاد والذي يحتاجه السودان لدعم الجنيه ودفع فاتورة واردات الغذاء والواردات الأخرى.
الساسة النقدية والتضخم
يرجع البعض سبب ارتفاع حجم التضخم إلى هذه المستويات المذهلة إلى السياسة النقدية المتبعة في السودان حيث تشير دراسة للباحث محمد فيصل آدم عبدالله بعنوان "أثر أدوات السياسة النقدية في التضخم في السودان"، إلى وجود علاقة طردية بين أدوات السياسة النقدية والتضخم، وأوصت الدراسة إلى زيادة دور سياسة السوق المفتوحة من خلال فتح أسواق مال حقيقية وتشجيع الجمهور المحلي على المشاركة وتقليل سعر الخصم بالنسبة للمصارف التجارية وزيادة معدلات الاحتياطي النقدي القانوني.
في حين تقول دراسة "التضخم في السودان رؤية مستقبلية"، إنّ التضخم لاقى مناخاً من عدم اليقين يصعب معه اتخاذ القرارات الاقتصادية و يتعطل الاستثمار ويتراجع الإنتاج ، في حين أنّ تأثيرات طالت خصوصاً الشرائح الضعيفة و ذوي الدخل المحدود.
وتلفت الدراسة إلى أنّ الصدمات الخارجية التي تعرض لها الاقتصاد السوداني في السنوات الأخيرة عام (2005-2011) و بصفة خاصة الصدمة الناتجة من انفصال الجنوب كانت لها آثار بعيدة المدى على العوامل المحددة و المؤثرة على التضخم.
التضخم وانفصال الجنوب
وتشرح الدراسة أنّ انفصال الجنوب و فقدان موارد البترول بصفة خاصة أحدث ثلاثة اختلالات أساسية في جسم الاقتصاد السوداني. أولاً فقدان الاقتصاد ما يزيد عن 70 في المائة من موارد النقد الأجنبي بمعنى أنّ تدفقات النقد الأجنبي للمصرف المركزي انخفضت بهذه النسبة، ما خلق فجوةً كبيرةً و أحدث هزةً عنيفةً في سوق النقد الأجنبي و سعر الصرف.
كذلك، أثر الانفصال على انخفاض إيرادات الموازنة العامة بما يقارب 50 في المائة ما أحدث فجوة ضخمة في موازنة الدولة وارتفاعا كبيرا في عجز الموازنة. وأيضاً أدى فقدان موارد البترول إلى زيادة الضغوط التضخمية و ضعف القطاع المصرفي و المالي وتباطؤ النشاط الاقتصادي و انخفاض معدلات النمو بشكل كبير.
النمو والتضخم
وتفيد الدراسة أن هذه العوامل أسهمت بصورة مباشرة في ارتفاع التضخم وتدني الإنتاج المحلي و ارتفاع تكلفته. فقد شهد الاقتصاد السوداني تدنيّاً واضحاً في معدلات النمو في الناتج الإجمالي المحلي منذ عام 2011 "عام الانفصال" حيث انخفض معدل النمو من 5,20 في المائة في عام 2010 إلى 1,9% في عام 2011 ثم إلى 1,7 عام 2012 و ذلك لعدة أسباب من أهمها انفصال الجنوب و خروج موارد النفط و بروز و تنامي الاختلالات في جسم الاقتصاد.
إلا أنّ خبراء الاقتصاد أكدوا أنّ السلطات السودانية لم تقم بإجراءات للسيطرة على المؤشرات السلبية في الاقتصاد السوداني، في حين من المفترض التوجه نحو التغيير الجذري في الرؤية الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة، مع الأخذ بالاعتبار تبعات الانفصال، وتطور الأسعار العالمية وتحول السوق السودانية إلى سوق مستوردة لا منتجة.
0 التعليقات :
إرسال تعليق