أزمة بترولية مصرية فى الطريق تهدد بصيف من الجحيم



كتب - أحمد طلب
 رغم الدعم المالي والنفطي الخليجي لمصر في تجاوزها أزماتها الاقتصادية ومشاكلها المعقدة ألا أن هذا الدعم لن يمنع أزمة بترولية قادمة وبقوة وأذا كنا نعيش في ظل أزمة خانقة في الشتاء فمن المتوقع أن يكون الصيف من الجحيم ومازالت المشكلة تتضخم وعلى حد قول الحكومة المصرية بأنه لا توجد حتى الآن حلول لمواجهة انقطاع الكهرباء في الصيف القادم، سوى ترشيد الاستهلاك أو بمعني أدق لا يوجد حل سوى "التقشف" ومما لا شك فيه أنه بأى حال من الأحول من المستحل القضاء على انقطاع الكهرباء أو تخفيض الأحمال والخروج من هذه الأزمة خلال الصيف المقبل ويبقي السؤال كيف سيعيش المصريين هذا الصيف؟
الخلافات بين الكهرباء والبترول
أكد خبراء البترول أن سوء التخطيط والخلافات وعدم التنسيق بين وزارتى الكهرباء والبترول، أدى إلى إهدار المعونات العربية الخاصة بالمواد البترولية ، متوقعين أزمة بترولية جديدة فى الفترة المقبلة مع بدء الفصل الصيفى وزيادة ساعات انقطاع التيار الكهربى، وذلك بسبب النقص فى هذه المواد البترولية.
حيث توقع الدكتور رمضان أبو العلا خبير البترول الدولى أن مصر مقبلة على أزمة كهرباء بسبب وجود خلافات ومشاكل بين وزارتى الكهرباء والبترول وبسبب سوء التنسيق بينهما، مشيرا إلى أن سبب تلك الخلافات هو سوء التعاون بين الوزارتين لكيفية استغلال البترول بالطريقة الصحيحة وعدم إهداره، فعدم التنسيق الصحيح بينهما وعدم التخطيط الذى تعانى منه شركات الكهرباء يخلق الأزمة .
وأوضح أنه على الرغم من أن المعونات البترولية التى جاءت من الدول العربية كانت ستنهى الأزمة خصوصا أنها تغطى احتياجات مصر وتفيض، لكن الحكومة أهدرتها بسبب سوء التخطيط وعدم وضع خطة ممنهجة على أساس علمى لتصريف تلك المعونات على الاحتياجات الفعلية المعلومة لعدم إهدارها بهذه الصورة، خصوصا أن احتياجات مصر من الطاقة فى الفترة الأخيرة انخفضت، لأن احتياجات الطاقة مرتبطة بمعدل النمو الاقتصادى ومعدل النمو انخفض من 7% إلى 2% وهذا معناه أن احتياجات مصر من الطاقة انخفضت بنسبة 30% إلى 40%.

أعباء الغاز
ان إنتاج الدولة من البوتاجاز لا يتعدى من 25 إلى 30% من الاستهلاك المحلى والباقى استهلاك خارجى فى حين أن نستطيع أن نكتفى ذاتياً من خام البوتاجاز فى مصر، وهذا ما كان يحدث من إنتاج مجمع الغازات فى الصحراء الغربية الذى ينتج حوالى 280 ألف طن ومجمع بورسعيد الذى ينتج حوالى 330 ألف طن للبوتاجاز، وفى يناير 2013 بدأت الحكومة تصدر قراراً برفع سعر أنبوبة البوتاجاز وتكلفتها من المصدر حتى تصل للناس 83 جنيهاً، والدولة وضعت دعماً كاملاً وصل فى البداية حتى وصلت قيمة الأنبوبة إلى 4 جنيهات ثم 5 جنيهات ثم مؤخراً 15 جنيهاً، وبلغت قيمة الدعم للبوتاجاز قبل 2010 إلى 12 مليار جنيه مصرى وبعد الثورة وصل الدعم إلى 20 مليار جنيه مصرى.
ومن جانبه أكد الدكتور محمد سعد الدين، رئيس جمعية مستثمرى الغاز أن الحكومة أخذت على عاتقها دعم البوتاجاز منذ الستينيات وكان الدعم وقتها بسيط جداً ولكن الآن زادت استهلاكات المصريين من نصف مليون طن إلى 4 ملايين طن، وزادت الأعباء 9 مرات فسعر طن البوتاجاز كان 150 دولارا، وصل الآن إلى 1000 دولار فزاد السعر 6 مرات، إضافة إلى أن قيمة الدولار كانت 50 قرشا الآن بلغ 7 جنيهات، فوصل الدعم إلى 22 مليار جنيه، وهذا فوق طاقة الحكومة .
وأشار إلى أن الخروج من الأزمة يتطلب رفع سعر البيع للبوتاجاز مع الاحتفاظ بدعمه للأفراد فقط (المواطن البسيط أصحاب الدخول المتدنية) وليس من المعقول دعم المصانع والأجانب والفنادق والأغنياء فى مصر، ونحتاج إلى قرار جرىء برفع سعر البوتاجاز فى مصر مع الاحتفاظ بدعم فئة الفقراء وليس السلعة وبالتالى يكون حل المشكلة جذرى، أما ما يتم من خلال الحكومات السابقة فقد ركزت على حلول مؤقتة بزيادة الدعم وإعانات خوفاً من إثارة الشعب لكن ما يحدث هو الإثارة الحقيقية للشعب بدليل السخط العام من الشعب، مضيفا أن تكسير هذا التبوت يتطلب رفع سعر البوتاجاز للأغنياء والاحتفاظ بدعم الفقراء وهذا يعد الحل الأمثل لإرضاء الشعب وليس ما يتم حالياً.

الصيف وانقطاع الكهرباء
وفقا لوزارة الكهرباء، أن مصر ستقلل هذا الصيف من إمدادت الطاقة الكهربية بنسبة 7000 ميجاوات، بسبب نقص الغاز الطبيعي الذي يذهب لمحطات توليد الكهرباء، فضلا عن سعار الكهرباء التي تبدأ من 5 قروش لكل كيلووات ساعة، أو أقل، ما يشجع الهدر، كما إن الخيارات المتاحة لسد هذه الفجوة تتقلص يوميا، حسبما جاء في صحيفة "إنترناشيونال بيزنس تايمز" البريطانية
ومازالت أزمة إنقطاع التيار الكهربائى مستمرة ومتفاقمة بالعديد من محافظات الجمهورية ، حيث تتعرض العديد من المدن والقرى لإنقطاع التيار الكهربائى لما يزيد عن ساعتين يومياً وربما أكثر فى مناطق أخرى ، بحجة تخفيف الأحمال أو أعمال الصيانة ، الأمر الذى أثار مخاوف العديد من الأهالى وأصحاب المصانع من استمرار الأزمة قبل حلول فصل الصيف؛ بينما طالب وزير الكهرباء المواطنين ترشيد الاستهلاك لضمان عدم انقطاع التيار الكهربائى خلال الصيف القادم .
وأكد الأهالى أن إنقطاع التيار بصفة دورية ، خاصة فى الفترة المسائية ترتب عليه العديد من المشكلات منها تلف بعض الأجهزة فى حالة الإنقطاع المفاجئ ،و عودة التيار بشكل مفاجئ مما تسبب بدوره فى العديد من الخسائر لأصحاب المحلات التجارية والمخابز .
جاء ذلك فيما أعلنت وزاره الكهرباء والطاقة بيانات توضح مواعيد فصل التيار الكهربائى بالعديد من المحافظات خلال الشهر الجارى حتى بداية شهر إبريل، وذلك ضمن الخطة النصف السنوية لأعمال الصيانة فى أوقات تزيد عن أربع ساعات، مما أثار حالة من الغضب بين الأهالى بسبب إنقطاعها خلال فترات النهار بالإضافة للإنقطاع المستمر خلال الفترات المسائية، مما دفع الأهالى لشراء ماكينات توليد كهرباء، لتلبية إحتياجات أبنائهم خاصة مع بدء الدراسة بالفصل الدراسى الثانى ،وهو ما يضيف أعباء فائقة على كاهل الأسرة.
وكان وزير الكهرباء بالحكومة الحالية، محمد شاكر، قال خلال زيارته منذ أيام إلى محطة شمال الجيزة التى تأتى فى إطار تفقده سير العمل بالمحطات، والإستعداد لإقتراب موسم الصيف في محاولة للقضاء على ظاهرة الإنقطاع المتكرر للتيار الكهربائى، أن محاولات الوزارة هدفها تقليل الإنقطاعات المتكررة للتيار الكهربائى، لكن القول بالقضاء نهائياً على هذه الظاهرة أمر غير واقعى، مطالبا المواطنين بضرورة ترشيد الإستهلاك.
وأكد المهندس جابر الدسوقى رئيس القابضة للكهرباء، ان إستقرار التيار مرهون بتوفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات مشيراً إلى أنه تم التنسيق مع قطاع البترول لتفادى الأزمة نتيجة محدودية ضخ الوقود للمحطات وتشكيل مجموعة عمل فنية مشتركة بين القطاعين لمتابعة التشغيل اليومى لشبكتى الكهرباء والغاز ومشاركة متخصصين من مركز التحكم للغاز الطبيعى ومتخصصين من مركز التحكم الإقليمى بالكهرباء للتنسيق المستمر وتحقيق أقصى فائدة وإيجاد الحلول الفنية السريعة لإدارة الشبكتين بشكل اقتصادى وفعال يحقق أقصى استفادة ممكنة.
وأضاف أن هناك تعليمات لمسئولى الكهرباء بمنع تخفيف الأحمال عن محطات المياه والصرف الصحى ومراكز الشرطة والدفاع المدنى والحريق ومحطات المترو والمخابز والمطاحن وبعض المبانى الإدارية المهمة والمستشفيات على مستوى المحافظات وضرورة عقد اجتماع تنسيقى بين شركات الكهرباء و المياه والصرف ورؤساء المراكز والمدن لمناقشة تأمين عمليات الانقطاع وتأثيرها على محطات المياه.
يرى الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادى أن مصر قادمة على أزمة بترولية جديدة وسيزداد الشعور بالأزمة مع بدء الفصل الصيفى وزيادة ساعات انقطاع التيار الكهربى، وذلك بسبب عدم كفاية مواد البترول التى تعمل بها محطات الكهرباء أقل من احتياجاتها فتضطر إلى توفير بعض الطاقة عن طريق قطع التيار الكهربى لمدة ساعة يوميا، ولكن مع قدوم الفصل الصيفى وزيادة استهلاك الطاقة فى المنازل يصبح الضغط على محطات الكهرباء أكبر فتضطر إلى انقطاع التيار لساعات أطول، بالإضافة إلى أن إنتاج مصر من الكهرباء لا يكفى احتياجاتها، لذلك ستلجأ محطات الكهرباء إلى ما يسمى بالإطفاء الإجبارى وتحديد مسارات الدعم تدريجيا عن الطاقة .
كما أشار إلى أن مصر لجأت إلى مشروع الربط الكهربائى مع السعودية كأحد الحلول لتوفير الطاقة، لكن هذا المشروع يحتاج إلى العديد من الوقت لانتهائه، خصوصا أن مصر تعتمد الآن على المواد الحفرية والمازوت فقط فى استخراج المواد البترولية، والطاقة وتحتاج إلى 10 سنوات، إضافية لاستخراج الطاقة من الطاقة النووية.
مشاركة على

Unknown

وصف الكاتب هنا

    التعليق بإستخدام حساب جوجل
    تعليقات الفيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق