الدعم النقدي بين التأييد والمعارضة




كتب - أحمد طلب
 من يستحق الدعم ومن لا يستحق ربما تكون هذه هي المشكلة الأكبر التي فشلت حكومات مصر المتعاقبة في إيجاد حل لها، إلا ان هذا الأمر سهل ويسير بحسب الخبراء الاقتصاديين، حيث يمكن تحديد الفقراء بطرق شتي.
هناك مؤشرات كثيرة يمكن الاستعانة بها عند تحديد مستوى معيشة الأسر والأفراد منها بحسب أقوال الخبراء الإقرارات الضريبية التى تقدم سنويا، فمن يقدم إقرارا ضريبيا يمكن معرفة مستوى دخله من واقع ما دونه فى الإقرار الضريبى، كما أن هناك مؤشرا آخر يمكن الاستدلال والاسترشاد به لقياس مستوى معيشة الأسر والأفراد من خلال فواتير استهلاك الكهرباء؛ لأن فاتورة الكهرباء صادرة عن جهة حكومية ولا يمكن تزويرها وترصد على حد بعيد مستوى معيشة الأفراد فالأشخاص الذين تتراوح فواتيرهم بين 20 و60 جنيها فهؤلاء غالبا سيكونون من المعدمين والفقراء أما الأشخاص الذين تصل فواتير الكهرباء فى وحداتهم السكنية إلى 500 و1000 وأكثر من هذا المبلغ فغالبا هم من شريحة الأغنياء ولا يستحقون الدعم لأن فاتورة الكهرباء تعتبر مؤشرا وترمومترا حقيقيا عن مستوى معيشة الأسرة.

الدعم النقدي سيوفر 60 مليار
شدد الدكتور علي لطفي رئيس وزراء مصر الأسبق، على ضرورة أن تتخذ الحكومة الحالية خطوات فعلية في تحويل الدعم العيني إلي نقدي ولكن بشكل تدريجي، لافتا إلى أنه في حالة تطبيق الدعم النقدي سيتم توفير ثلث الميزانية المخصصة للدعم أي ما يقرب من 60 مليار جنيه سنويا.
وأشار إلى أهمية أن تدرس الحكومة نماذج المحاكاة للدول التي نجحت في تحويل الدعم للنقدي خاصة بالدول ذات الظروف الاقتصادية المشابهة، وكذلك حصر للمستحقين الحقيقيين للدعم، من خلال الاسترشاد بفواتير المياه أو الكهرباء وغيرها.
وأوضح وجود صعوبة لإمكانية إلغاء الدعم خاصة وأن 25% من المواطنين في مصر تحت خط الفقر، مرجعا أسباب زيادة الميزانيات المخصصة للدعم بشكل سنوي إلى الزيادة المستمرة في الكثافة السكانية، وارتفاع الأسعار العالمية.
وأشار إلي أن الميزانية المخصصة للدعم تقترب من 130 مليار جنيه سنويا توجه إلى نحو 15 او 20 سلعة أهمها السولار والبنزين والبوتاجاز والخبز؛ مما يزيد من ضرورة أن توجه الدولة اهتمامها لتحديد القطاعات الأكثر حاجة إلى الدعم دون غيرها. 
الدعم النقدى سيكلف الدولة 48 مليار 
 اقترح أحمد الضبع، الخبير الاقتصادى بالمؤسسة العربية لضمان الاستثمار بأن يتم إلغاءالدعم "العيني"، من طاقة وخبز وغيره، الذى لا يستفيد منه الفقراء، ومنح المستحقين، دعماً "نقدياً"، وأن الدولة بذلك ستوفر مليارات الجنيهات، قائلاً: "الدعم النقدى سيكلف الدولة 48 مليار جنيه.. أما الدعم الموجود حالياً يكلف الدولة ما يقرب من 197 مليار جنيه".
الدعم النقدي في الطريق
 قال هاني قدري وزير المالية المصري، إن "الحكومة المصرية"، تعد حاليا برنامج إصلاح متكامل اقتصادي واجتماعي، يضع في اعتباره عدم تأثر الطبقات الفقيرة بسياساترفع أسعار الطاقة.
وأضاف أن الحكومة متفقة على زيادة اسعار الطاقة ولكن ما يتم مناقشته الآن كيفية حماية الفئات محدودة الدخل من اثار تلك الزيادة.
وبلغ الدعم الحكومي للمواد البترولية في السنة المالية الماضية 2012-2013 نحو 128 مليار جنيه (18.3 مليار دولار).

وتوقع شريف إسماعيل وزير البترول والثروة المعدنية المصري في تصريحات سابقة وصول دعم الطاقة في بلاده إلى 140 مليار جنيه (20.11 مليار دولار).
وقال وزير المالية المصري، إن الإجراءات التي تدرسها الوزارة تشمل ايجاد موارد لتمويل الحزم الاجتماعية كبرنامج الدعم النقدي المشروط.
وأضاف: أنا من انصار الدعم النقدي لأنه يصل للمستحق مباشرة وهناك اتفاق حكومي على ذلك التحول.
وكشف وزير المالية المصري، عن مناقشات تجري داخل الحكومة لتحديد الكميات الموزعة للمنتجات البترولية تحت مظلة الدعم حتى يتم استخدامه بشكل رشيد لحماية قطاع كبير من الطبقة المتوسطة..

الدعم العيني سبب زيادة الفقر
 أكد الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن عدد الفقراء زاد فى مصر بسبب الدعم العينى الذى يعد من الناحية الاقتصادية أقل إشباعا للمستهلك من الدعم النقدى، ومن الناحية التوزيعية فهو يصب فى صالح الأغنياء على حساب الفقراء.
وقال عبدالحميد إن تقرير الرصد العالمى لعام 2013 الصادر عن البنك الدولى بتوفير سبل سد الفجوة التنموية بين الريف والحضر فى مصر، وخاصة مع اقتراب الموعد الزمنى المحدد للانتهاء من تحقيق الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية فى نهاية عام 2015، وإشارته الى أن قضية الدعم من القضايا الملحة، التى تواجه الاقتصاد هو تأكيد سياسته الداعية الى خفض الدعم والاستغناء عن الدعم العينى بالنقدى الذى يعطى فرصة الاختيار للمستهلك ويرشد الاستهلاك وذلك لمواجهة الفقر.
وأضاف عبد الحميد، أن استراتيجية تحويل الدعم العينى الى نقدى لابد ان تتم على مدى طويل على عدة محاور لتطبيقها بنجاح ومنها التعويض المناسب وتوفير السلع لعمل توزان حقيقى بين العرض والطلب وتجنب السوق السوداء، بالاضافة لأخذ فرق التكلفة وتحديد المستهدفين والمستحقين للدعم والوسائل المتاحة فى الاعتبار، وبهذا يصبح التعويض فى تلك الحالة اعلى من قيمة السلع اما دون ذلك سيكون خسارة للفقراء وضريبة غير مباشرة يتحملها المستهلك.
آراء معارضة
ويقول الدكتور حمدى عبدالعظيم - أستاذ الاقتصاد ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقاً - إن تحويل الدعم العينى إلى نقدى قرار خاطئ تماماً لا ينطبق على مصر وظروفها وللأسف الحكومة متأثرة بتجارب الخارج، ومعتقدين خطأً أن الظروف تتشابه مع أن مصر ظروفها مختلفة تماماً عن الخارج، وبالتالى فإن الدعم النقدى لا يصلح لمصر لأنه سيزيد من الأعباء على المواطنين بشكل غير طبيعى حيث يعنى تطبيقه أن تخضع السلع لسعر السوق والعرض والطلب والأسعار مما يعنى مضاعفة فى الأسعار عدة مرات وبالتالى سنجد فى النهاية أن مبلغ الدعم النقدى لن يكفى سلعة واحدة، ومن المعروف أن سلع التموين من سكر وزيت وأرز وغيره تأتى كلها بأسعر مدعمة وكذلك الخبز لو خضع للعرض والطلب فسنجده بـ2 جنيه بدلاً من 5 قروش وهذا يعنى أن الـ20 رغيفا التى كان المواطن الفقير يشتريها بجنيه واحد سوف يدفع فيها 40 جنيها فهل الحكومة مستعدة أن تعطيه 1200 جنيه شهرياً دعماً للخبز وحده؟ أرى أن الحديث عن الدعم النقدى "كلام فارغ" هناك بالأساس مشكلة فى تحديد المستحقين للدعم، الدعم من المفترض أنه يضمن للمواطن وجود السلع فى أى وقت بعيداً عن السوق السوداء، فليس هناك أحد من الأغنياء سيقف فى طابور الخبز ولا تموين ولا يأخذ دعما على المواصلات، لن تجد أياً من الأغنياء يقومون بصرف سلع تموينية ولا يركبون المواصلات العامة ولا يدخلون أبناءهم مدارس حكومية ولا جامعات حكومية.
ويرى عبدالعظيم أن المشكلة الحقيقة هى الفساد وشطارة الحكومة أن تقضى على هذه المشكلة فى الدعم وهو ما نجح فيه وزير التموين الاخوانى باسم عودة وهو الوحيد الذى استطاع أن يمنع الفساد فى سعر الخبز للقضاء على السوق السوداء مما وفر 7 ملايين جنيه للدولة، أيضاً دعم الطاقة والكهرباء وأنابيب البوتوجاز استطاع أن يوفر الكثير فيها، إذاً فالمشكلة فى الفساد.
مشاركة على

Unknown

وصف الكاتب هنا

    التعليق بإستخدام حساب جوجل
    تعليقات الفيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق