كتب - أحمد طلب |
يواصل الاقتصاد السوري رحلة الانهيار مع استمرار الصراع وتعثر مباحثات السلام، في الوقت الذي تتفاوت فيه التقديرات بشأن الخسائر التي مني بها الاقتصاد بسبب الحرب التي لا تزال مستمرة، فيما يقول الخبراء إن إعادة إعمار سوريا سيحتاج لسنوات طويلة. بعد ثلاث سنوات من الثورة السورية تتضاعف الخسائر المادية والاقتصادية والاجتماعية لسوريا، وذلك وفقا للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا"، وقالت اللجنة أن تصنيف سوريا تراجع في كل المؤشرات التنموية لتحتل المركز قبل الأخيرعربياً خسرت سوريا 37 عاما من التنمية. كل يوم إضافي في الأزمة يعني خسارة 109 ملايين دولار من الناتج المحلي الإجمالي، ووصلت نسبة البطالة إلى 24% وتسرب 38% من الطلاب من العملية التعليمية. وتخسر سوريا 10 ملايين ليرة سورية في كل دقيقة و 300 شخص يهجّرون من بيوتهم كل ساعة، و 9 آلاف شخص يصبحون تحت خط الفقر الأدنى كل يوم. 2500 شخص يفقدون القدرة على تأمين قوتهم كل يوم و 10 آلاف شخص يخسرون عملهم كل أسبوع. 25 عاماً لإعمار سوريا قال الخبير الاقتصادي عابد فضلية، أن عملية إعادة الإعمار ستكون صعبة وستحتاج لفترة تمتد من 15 - 25 عاما، "وكلما مر شهر آخر دون أن تنتهي الأزمة، تتضخم تكلفة إعادة الإعمار بمقدار 29.2 مليار ليرة يومياً". وأكد فضلية على ضرورة وضع سلم للأولويات حسب الإمكانيات المتاحة، وعليه سيشكل القطاع الزراعي الحجر الأساسي في التنمية؛ بينما لن يكون من المجدي العمل في القطاع السياحي والذي بحاجة لعدة سنوات قبل إقلاعه بشكل جديد. إعمار سوريا في تقدير للأمم المتحدة، نُشر مؤخراً على وسائل الإعلام، تبلغ التكاليف المادية لعملية إعادة الإعمار حوالي 165 مليار دولار، وهو ما يعادل موازنة سورية لـ18 سنة، بينما كانت مثل هذه التقديرات حتى نهاية 2012 أي قبل سنة وربع، تشير إلى مبلغ 80 مليار دولار، ما يعني أن حجم الأضرار المادية للأشهر الـ12 الأخيرة هو حوالي 68 مليار دولار، أي أن متوسط التكلفة الشهرية لعملية إعادة الإعمار، انطلاقاً من معدلات الفترة الأخيرة من الأزمة، تعادل حوالي 5.66 مليار دولار. وستواجه عملية إعادة الإعمار تحديات عديدة في مجال التمويل، تتمثل في عدة نقاط منها، الندرة النسبية والمطلقة لرؤوس الأموال الوطنية الموجودة بالداخل، بالمقارنة مع الحد الأدنى اللازم والضروري لعملية إعادة الإعمار، وأن ثلثي رؤوس الأموال اللازمة البالغة حتى الآن 165 مليار دولار، يجب أن تكون بالقطع الأجنبي لتأمين احتياجات ومستلزمات عملية إعادة الإعمار عن طريق الاستيراد من الخارج، في الوقت الذي يُعد فيه القطع نادراً نسبياً بسبب العجز المزمن بالميزان التجاري، وميزان المدفوعات، وحتى الاحتياطيات الحكومية من القطع، التي انخفضت خلال الأزمة، ولا يمكن التفريط بها ويجب أن تبقى مخصصة لتأمين الاحتياجات الضرورية. أموال سوريا فى الخارج تنقسم رؤوس الأموال السورية في الخارج إلى نوعين، الأول: كان موجوداً في الخارج قبل الأزمة وبالتالي لا يتوقع أن يعود إلى سورية، كاحتمال، إلا في حال عودة الوضع العام إلى مستوى أفضل مما كان عليه الوضع قبل الأزمة، وحتى هذا الجزء من الأموال السورية الموجودة أصلاً في الخارج لا تتعدى قيمتها الإجمالية مبلغ 130 مليار دولار، وبالتالي فإن معظمها موظف منذ سنوات ولا يُتوقع أن تعود بسهولة وسرعة، مهما كانت المغريات الاستثمارية. أما النوع الثاني من الأموال السورية في الخارج، هو رأس المال المهرب، أو الهارب بسبب الأزمة، وبالتالي فإن جزءاً هاماً منه قد تآكل في تغطية نفقات الإقامة في الخارج، وجزء من الباقي يُحتمل ألا يعود قبل التأكد من زوال الأسباب التي اتخذها مبرراً وحجةً لهروبه. ونوه إلى تآكل جزءا هاما من مكتنزات ومدخرات السوريين بالعملة الوطنية أو بالقطع الأجنبي في الداخل، لتغطية نفقات المعيشة المرتفعة، أو لإعانة قريب، أو إقراض صديق، وبالتالي فإن فوائض الدخول الأولى بعد انتهاء الأزمة، لن تذهب كلها مباشرةً إلى الاستثمار، بل ستتحول أولاً إلى مدخرات، حتى تعود مدخرات القرش الأبيض إلى مستواها السابق، قبل أن تبدأ بالانخراط في الاستثمار. خسائر تفوق 200 مليار دولار قدر الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، السفير محمد محمد الربيع، حجم الخسائر في سوريا جراء الأزمة المستمرة في البلاد منذ نحو 3 سنوات، بأنها تفوق 200 مليار دولار، مستدركا بأنه أمر يصعب الجزم حاليا فيه. ولفت إلى أن الخسائر كبيرة في سوريا، وما يتم بناؤه في أعوام وسنوات طويلة، يتم تدميره بأيام قليلة، والفرق بين البناء والثمن فرق شاسع، فالثمن يتضاعف يوما بعد يوم، ولا يمكن تقدير زمن البناء والأموال من أجل إعادة الأمور إلى ما كانت عليه. وأكد "الربيع" أن الإرادة السياسية موجودة من قبل تركيا والدول العربية، من أجل التخطيط لبناء صرح اقتصادي، ولكن التعويل هو على القطاع الخاص لأنه المرتكز الحقيقي لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه. أنهيار الليرة السورية بسبب إقدام النظام السوري الاستمرار في خطط اقتصادية متعثره فإنه وبعد ثلاث سنوات من الحرب في سوريا انهارت الليرة السورية، وسجلت أسعار السلع والمواد الأساسية ارتفاعاً كبيراً مع ارتفاع نسب التضخم، فيما أصبحت البنية التحتية شبه مدمرة والخدمات شبه مفقودة، فيما لا يلوح في الأفق أية نهاية لهذا التدهور الاقتصادي مع فشل محادثات السلام في جنيف. وفي الوقت الذي يتدهور فيه الاقتصاد السوري، فإن العملة المحلية تنهار بصورة متسارعة حيث سجلت مستوى قياسياً متدنياً خلال الصيف الماضي عندما بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 335 ليرة، مقارنة مع 47 ليرة فقط قبل بدء الاحتجاجات المطالبة بتنحي بشار الأسد، وقمع النظام لهذه الاحتجاجات. ومع فقدان العملة المحلية السورية لقيمتها وتدافع الكثير من السوريين على العملات الأجنبية من أجل المحافظة على مدخراتهم لجأت الحكومة إلى طرح ليرات ذهبية في السوق للحفاظ على ما تبقى من قيمة المدخرات، ولتكون بديلاً عن الدولار واليورو. وتزن العملة الجديدة ثمانية غرامات من الذهب عيار 21 قيراط، فيما تم طرح ما يزيد على 6 آلاف ليرة من الذهب في الأسبوع الأول من إصدارها لتلبية طلب السوريين عليها. يشار الى أن الليرة السورية لا زالت تسجل تراجعاً كبيراً أمام الدولار الأمريكي الذي يتم تداوله بنحو 150 ليرة منذ ما قبل بدء مؤتمر "جنيف2" وحتى انتهاء المباحثات وإعلان فشل التوصل إلى حل سلمي. ومع كل سنة تستمر فيها الأزمة تتراجع سوريا ثماني سنوات إلى الخلف في جميع المؤشرات الاقتصادية والتنموية. |
-
التعليق بإستخدام حساب جوجل
-
تعليقات الفيسبوك
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
0 التعليقات :
إرسال تعليق